الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الثاني : أن يقال : القياس ولو قيل [1] : إنه ضعيف هو خير من تقليد من لم يبلغ في العلم مبلغ المجتهدين ، فإن كل من له [2] علم [ ص: 402 ] وإنصاف يعلم أن مثل مالك والليث بن سعد والأوزاعي وأبي حنيفة والثوري وابن أبي ليلى ، ومثل الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور أعلم وأفقه من العسكريين وأمثالهما [3] .

                  وأيضا فهؤلاء خير من المنتظر الذي لا يعلم ما يقول ، فإن الواحد من هؤلاء إن كان عنده نص منقول : عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا ريب أن النص الثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدم على [4] القياس بلا ريب ، وإن لم يكن عنده نص ولم يقل [5] بالقياس كان جاهلا ، فالقياس [6] الذي يفيد الظن خير من الجهل الذي لا علم معه ولا ظن ، فإن قال هؤلاء : كل ما يقولونه هو ثابت [7] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان [8] هذا أضعف من قول من قال : كل ما [9] يقوله المجتهد فإنه قول [10] النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإن هذا يقوله طائفة من أهل الرأي ، وقولهم أقرب من قول الرافضة [11] فإن قول أولئك كذب صريح .

                  وأيضا فهذا كقول من يقول [12] : عمل أهل المدينة [13] متلقى عن [ ص: 403 ] الصحابة ، وقول الصحابة [14] متلقى [15] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقول من يقول : ما قاله الصحابة في غير [16] مجاري القياس فإنه لا يقوله إلا توقيفا [17] عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقول من يقول : قول المجتهد [18] أو الشيخ العارف [19] هو إلهام من الله ووحي يجب اتباعه .

                  فإن قال : هؤلاء تنازعوا .

                  قيل : وأولئك تنازعوا ، فلا يمكن أن يدعى دعوى باطلة إلا أمكن معارضتهم بمثلها [ أو بخير منها ] [20] ، ولا يقولون حقا [21] إلا كان في أهل السنة والجماعة [ من يقول ] [22] مثل ذلك الحق أو ما هو خير منه ، فإن البدعة مع السنة كالكفر مع الإيمان . وقد قال تعالى : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ) [ سورة الفرقان : 33 ] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية