الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل . [1]

                  قال الرافضي [2] : " وذهبوا بسبب ذلك إلى أمور شنيعة : كإباحة البنت المخلوقة من الزنا ، وسقوط الحد عمن نكح أمه أو أخته أو بنته [3] مع علمه بالتحريم والنسب بواسطة عقد يعقده وهو يعلم بطلانه ، وعمن لف على ذكره خرقة وزنى بأمه أو بنته [4] ، وعن اللائط مع أنه أفحش من الزنا وأقبح ، وإلحاق نسب المشرقية بالمغربي ، فإذا [5] زوج الرجل ابنته وهي في المشرق برجل هو وأبوها في المغرب ولم يفترقا ليلا ولا نهارا [6] حتى مضت مدة [7] ستة أشهر فولدت البنت في المشرق [8] ، التحق الولد بالرجل [9] وهو وأبوها [10] في المغرب ، [ ص: 416 ] مع أنه لا يمكنه الوصول إليها إلا بعد سنين متعددة ، بل لو حبسه السلطان من حين العقد وقيده ، وجعل عليه حفظة مدة خمسين سنة [11] ، ثم وصل إلى بلد [12] المرأة فرأى جماعة كثيرة من أولادها [13] وأولاد أولادها [14] إلى عدة بطون ، التحقوا كلهم بالرجل الذي لم يقرب هذه المرأة ولا غيرها ألبتة . وإباحة النبيذ مع مشاركته الخمر [15] في الإسكار والوضوء به ، والصلاة في جلد الكلب ، وعلى العذرة [16] اليابسة .

                  وحكى بعض الفقهاء لبعض الملوك ، وعنده بعض فقهاء [17] الحنفية ، صفة صلاة الحنفي [18] ، فدخل دارا مغصوبة وتوضأ بالنبيذ ، وكبر وقرأ بالفارسية [19] [ من غير نية ، وقرأ : ( مدهامتان ) [ سورة الرحمن : 64 ] لا غير بالفارسية ] [20] ثم طأطأ [ ص: 417 ] رأسه من غير طمأنينة ، وسجد كذلك ، ورفع رأسه بقدر حد السيف ، ثم سجد ، وقام ففعل كذلك [21] ثانية ، ثم أحدث في مقام التسليم ، فتبرأ [22] الملك - وكان حنفيا - من هذا [23] المذهب .

                  وأباحوا المغصوب لو غير [24] الغاصب الصفة ، فقالوا : لو أن سارقا دخل بدار شخص [25] له فيه [26] دواب ورحى وطعام ، فطحن السارق الطعام بالدواب والأرحية [27] ملك ذلك الطحين بذلك [28] ، فلو جاء المالك ونازعه كان المالك ظالما ، والسارق مظلوما [29] ، فلو تقاتلا فإن قتل المالك كان هدرا [30] وإن قتل السارق كان شهيدا .

                  وأوجبوا الحد على الزاني إذا كذب الشهود [31] ، وأسقطوه [32] إذا صدقهم ، فأسقط [33] الحد مع اجتماع الإقرار والبينة ، وهذا [ ص: 418 ] ذريعة إلى إسقاط حدود الله تعالى ، فإن كل من شهد عليه بالزنا فصدق [34] الشهود يسقط [35] عنه الحد وإباحة [36] أكل الكلب واللواط بالعبيد ، [37] وإباحة الملاهي كالشطرنج والغناء ، وغير ذلك من المسائل [ التي لا يحتملها هذا المختصر ] [38] .

                  والجواب من وجوه : أحدها ] : [39] أنه [ في هذه المسائل ما هو كذب على جميع أهل السنة ، وأما سائرها ] [40] فليس [41] في هذه المسائل مسألة إلا وجمهور أهل السنة على خلافها ، وإن كان قد قالها بعضهم ، فإن كان قوله خطأ فالصواب مع غيره من أهل السنة ، وإن كان صوابا فالصواب مع أهل السنة أيضا . فعلى التقديرين لا يخرج الصواب عن قول [42] أهل السنة .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية