فصل . [1]
قال الرافضي [2] : " وذهبوا بسبب ذلك إلى أمور شنيعة : كإباحة البنت المخلوقة من الزنا ، وسقوط الحد عمن نكح أمه أو أخته أو بنته [3] مع علمه بالتحريم والنسب بواسطة عقد يعقده وهو يعلم بطلانه ، وعمن لف على ذكره خرقة وزنى بأمه أو بنته [4] ، وعن اللائط مع أنه أفحش من الزنا وأقبح ، وإلحاق نسب المشرقية بالمغربي ، فإذا [5] زوج الرجل ابنته وهي في المشرق برجل هو وأبوها في المغرب ولم يفترقا ليلا ولا نهارا [6] حتى مضت مدة [7] ستة أشهر فولدت البنت في المشرق [8] ، التحق الولد بالرجل [9] وهو وأبوها [10] في المغرب ، [ ص: 416 ] مع أنه لا يمكنه الوصول إليها إلا بعد سنين متعددة ، بل لو حبسه السلطان من حين العقد وقيده ، وجعل عليه حفظة مدة خمسين سنة [11] ، ثم وصل إلى بلد [12] المرأة فرأى جماعة كثيرة من أولادها [13] وأولاد أولادها [14] إلى عدة بطون ، التحقوا كلهم بالرجل الذي لم يقرب هذه المرأة ولا غيرها ألبتة . وإباحة النبيذ مع مشاركته الخمر [15] في الإسكار والوضوء به ، والصلاة في جلد الكلب ، وعلى العذرة [16] اليابسة .
وحكى بعض الفقهاء لبعض الملوك ، وعنده بعض فقهاء [17] الحنفية ، صفة صلاة الحنفي [18] ، فدخل دارا مغصوبة وتوضأ بالنبيذ ، وكبر وقرأ بالفارسية [19] [ من غير نية ، وقرأ : ( مدهامتان ) [ سورة الرحمن : 64 ] لا غير بالفارسية ] [20] ثم طأطأ [ ص: 417 ] رأسه من غير طمأنينة ، وسجد كذلك ، ورفع رأسه بقدر حد السيف ، ثم سجد ، وقام ففعل كذلك [21] ثانية ، ثم أحدث في مقام التسليم ، فتبرأ [22] الملك - وكان حنفيا - من هذا [23] المذهب .
وأباحوا المغصوب لو غير [24] الغاصب الصفة ، فقالوا : لو أن سارقا دخل بدار شخص [25] له فيه [26] دواب ورحى وطعام ، فطحن السارق الطعام بالدواب والأرحية [27] ملك ذلك الطحين بذلك [28] ، فلو جاء المالك ونازعه كان المالك ظالما ، والسارق مظلوما [29] ، فلو تقاتلا فإن قتل المالك كان هدرا [30] وإن قتل السارق كان شهيدا .
وأوجبوا الحد على الزاني إذا كذب الشهود [31] ، وأسقطوه [32] إذا صدقهم ، فأسقط [33] الحد مع اجتماع الإقرار والبينة ، وهذا [ ص: 418 ] ذريعة إلى إسقاط حدود الله تعالى ، فإن كل من شهد عليه بالزنا فصدق [34] الشهود يسقط [35] عنه الحد وإباحة [36] أكل الكلب واللواط بالعبيد ، [37] وإباحة الملاهي كالشطرنج والغناء ، وغير ذلك من المسائل [ التي لا يحتملها هذا المختصر ] [38] .
والجواب من وجوه : أحدها ] : [39] أنه [ في هذه المسائل ما هو كذب على جميع أهل السنة ، وأما سائرها ] [40] [41] في هذه المسائل مسألة إلا وجمهور أهل السنة على خلافها ، وإن كان قد قالها بعضهم ، فإن كان قوله خطأ فالصواب مع غيره من أهل السنة ، وإن كان صوابا فالصواب مع أهل السنة أيضا . فعلى التقديرين لا يخرج الصواب عن قول فليس [42] أهل السنة .