الوجه السادس : أن يقال : هذه الحجة التي احتج بها هذا [1] . الطوسي على أن الإمامية هم [2] . الفرقة الناجية كذب في [3] . وصفها ، كما هي باطلة في دلاتها . وذلك أن ، وجميع المذاهب قد اشتركت في أصول العقائد " . إن أراد بذلك أنهم باينوا جميع المذاهب فيما اختصوا به ، فهذا شأن جميع المذاهب ، فإن قوله : " باينوا جميع المذاهب الخوارج أيضا باينوا جميع المذاهب فيما اختصوا به من التكفير [4] . بالذنوب ، ومن تكفير - رضي الله عنه - ومن إسقاط طاعة الرسول فيما [ لم ] علي [5] . يخبر به عن الله ، وتجويز الظلم عليه في قسمه والجور في حكمه ، وإسقاط اتباع السنة المتواترة التي تخالف ما يظن أنه ظاهر القرآن ، كقطع السارق [6] . من المنكب وأمثال ذلك .
قال في " المقالات " الأشعري [7] . : " أجمعت [8] . الخوارج على إكفار [9] . [ ص: 461 ] - رضي الله عنه - إذ حكم " علي بن أبي طالب [10] . ، وهم مختلفون هل كفره شرك أم لا ؟ " .
قال بعد الكلام السابق مباشرة 1 \ 157 : " وأجمعوا على أن كل كبيرة [11] . كفر إلا النجدات فإنها لا تقول بذلك " [12] . . وأجمعوا على أن الله يعذب أصحاب الكبائر عذابا دائما ، إلا النجدات أصحاب نجدة " .
وكذلك المعتزلة باينوا جميع الطوائف [13] . فيما اختصوا به من المنزلة بين المنزلتين ، وقولهم : إن أهل الكبائر يخلدون في النار وليسوا بمؤمنين ولا كفار ، فإن [14] . هذا قولهم الذي سموا به معتزلة ، فمن وافقهم فيه بعد ذلك من الزيدية فعنهم أخذوا .
بل الطوائف المنتسبون [15] . إلى السنة والجماعة تباين كل طائفة [16] . منهم سائر أهل السنة والجماعة فيما اختصت به ، فالكلابية باينوا سائر الناس في قولهم [17] . : إن الكلام معنى واحد ، أو معان متعددة [18] . : أربعة أو [ ص: 462 ] خمسة تقوم بذات المتكلم ، هو الأمر والنهي والخبر : إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا ، وإن عبر عنه بالعبرية [19] . كان توراة ، فإن هذا لم يقله أحد من الطوائف غيرهم .
وكذلك الكرامية باينوا سائر [20] . الطوائف في قولهم : إن الإيمان هو القول باللسان ، فمن أقر بلسانه كان مؤمنا ، وإن جحد بقلبه قالوا : وهو [21] . مؤمن مخلد في النار ; فإن هذا لم يقله غيرهم .
بل طوائف أهل السنة والعلم لكل طائفة قول لا يوافقهم عليه بقية الطوائف ، فلكل واحد من أبي حنيفة ومالك والشافعي مسائل تفرد بها عن الأئمة الثلاثة كثيرة . وأحمد
وإن أراد بذلك أنهم اختصوا بجميع أقوالهم ، فليس كذلك ، فإنهم في توحيدهم [22] . موافقون للمعتزلة ، وقدماؤهم كانوا مجسمة ، وكذلك في القدر هم موافقون للمعتزلة ، فقدماؤهم [23] . كان كثير منهم يثبت القدر ، وإنكار القدر في قدمائهم أشهر من إنكار الصفات . وخروج أهل الذنوب من النار ، وعفو الله - عز وجل [24] . عن أهل الكبائر لهم فيه قولان . ومتأخروهم موافقون فيه الواقفية [25] . الذين يقولون : لا ندري هل يدخل [ ص: 463 ] النار أحد من أهل القبلة أم لا ؟ وهم طائفة من الأشعرية . وإن قالوا : إنا [26] . نجزم بأن كثيرا من أهل الكبائر يدخل النار ، فهذا [27] . قول الجمهور من أهل السنة .
ففي الجملة لهم أقوال اختصوا بها ، وأقوال شاركهم غيرهم فيها ، كما أن الخوارج والمعتزلة وغيرهم كذلك . وأما أهل الحديث والسنة والجماعة فقد اختصوا [28] . باتباعهم الكتاب والسنة الثابتة عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - في الأصول والفروع ، وما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخلاف الخوارج والمعتزلة والروافض ومن وافقهم في بعض أقوالهم ، فإنهم لا يتبعون الأحاديث التي رواها الثقات عن النبي - صلى الله عليه وسلم - التي يعلم أهل الحديث صحتها .
فالمعتزلة يقولون : هذه أخبار آحاد . وأما الرافضة فيطعنون في الصحابة ونقلهم ، وباطن أمرهم الطعن في الرسالة . والخوارج يقول قائلهم : اعدل يا محمد فإنك لم تعدل ، فيجوزون على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه [29] . يظلم . ولهذا قال : النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 464 ] لأولهم [30] . " ؟ ويلك من يعدل إذا لم أعدل [31] . " . لقد خبت وخسرت إن لم أعدل [32] . . فهم جهال فارقوا السنة والجماعة عن [33] . جهل .
وأما الرافضة فأصل بدعتهم عن نفاق ، ولهذا فيهم من الزندقة ما ليس في الخوارج . قال : في " المقالات " الأشعري [34] : " هذه حكاية [35] . . أصحاب الحديث وأهل السنة . جملة ما عليه أصحاب الحديث وأهل السنة " [36] . : الإقرار بالله وملائكته وكتبه ورسله وما جاء من [37] . عند الله وما رواه الثقات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، لا يردون من ذلك شيئا ، وأنه إله " [38] . واحد فرد صمد ، لا إله غيره ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأن الجنة حق ، وأن النار [39] حق ، وأن الساعة [ ص: 465 ] آتية [40] . لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، وأن الله على " [41] . عرشه كما قال : ( الرحمن على العرش استوى ) [ سورة طه : 5 ] وأن له يدين بلا كيف كما قال : ( خلقت بيدي \ 3 ) [ سورة ( ص ) : 57 ] وكما قال : ( بل يداه مبسوطتان ) [ سورة المائدة : 64 ] وساق الكلام إلى آخره .
فإن قال : أن مراده بالمباينة : أنهم يكفرون كل أهل دار غير دارهم [42] . ، كما أفتى غير واحد من شيوخهم بأن الدار إذا كان الظاهر فيها مذهب النصب ، مثل المسح على الخفين ، وحل شرب الفقاع ، وتحريم المتعة : كانت دار كفر ، وحكم بنجاسة ما فيها من المائعات . وإن كان الظاهر مذهب الطائفة المحقة - يعني الإمامية - حكم بطهارة [43] . ما فيها من المائعات ، وإن كان كلا الأمرين ظاهرا كانت دار وقف [ فينظر ] : فمن [44] . كان فيها من طائفتهم كان ما عنده من المائعات طاهرا ، ومن كان [45] . من غيرهم حكم بنجاسة ما عنده من المائعات .
قيل [46] . : هذا الوصف يشاركهم فيه الخوارج ، والخوارج في ذلك أقوى منهم ; فإن الخوارج ترى السيف ، وحروبهم مع الجماعة مشهورة ، وعندهم كل دار غير دارهم فهي دار كفر . وقد نازع [47] . بعضهم [ ص: 466 ] في التكفير العام [48] . ، كما نازع بعض الإمامية في التكفير العام [49] . ، وقد وافقوهم [50] . في أصل التكفير .
وأما السيف فإن الزيدية ترى السيف ، والإمامية لا تراه . قال الأشعري [51] \ 123 : [52] . على إبطال الخروج وإنكار السيف ولو قتلت ، حتى يظهر لها الإمام ، وحتى يأمرها وأجمعت الروافض [53] . بذلك .
قلت : ولهذا لا يغزون الكفار ولا يقاتلون مع أئمة الجماعة ، إلا من يلتزم مذهبه منهم . فقد تبين أن المباينة والمشاركة في أصول العقائد قدر مشترك بين الرافضة وغيرهم .