قال الناقلون لمقالات [6] . الناس [7] . : " الشيعة " [8] . ثلاثة أصناف ، وإنما قيل لهم الشيعة [9] . ; لأنهم شايعوا وقدموه " عليا [10] . على سائر أصحاب رسول الله [11] . صلى الله عليه وسلم فمنهم الغالية : سموا بذاك ; لأنهم " [12] . غلوا في ، وقالوا فيه قولا عظيما علي [13] " . " مثل اعتقادهم [14] . إلاهيته أو نبوته ، وهؤلاء أصناف متعددة ، والنصيرية منهم . [15] . الشيعة الرافضة . والصنف الثاني من
قال الأشعري [16] : " وطائفة سموا المقالات : وإنما سموا . رافضة [17] . لرفضهم إمامة أبي بكر " وعمر [18] . " .
[ ص: 471 ] قلت : الصحيح أنهم سموا رافضة لما رفضوا لما خرج زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالكوفة أيام ، وقد ذكر هذا أيضا هشام بن عبد الملك وغيره الأشعري [19] .
قالوا [20] : " وإنما سموا الزيدية [21] . لتمسكهم بقول . وكان زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب زيد [22] . بويع له بالكوفة [23] . في أيام ، وكان أمير هشام بن عبد الملك الكوفة يوسف بن عمر الثقفي ، وكان زيد يفضل على سائر أصحاب النبي علي بن أبي طالب [24] . - صلى الله عليه وسلم - ويتولى أبا بكر ، ويرى الخروج على أئمة الجور ، فلما ظهر وعمر بالكوفة [25] . في أصحابه الذين بايعوه وسمع [26] . من بعضهم الطعن على [27] . أبي بكر فأنكر وعمر [28] . ذلك على من سمعه منه ، فتفرق عنه الذين بايعوه [29] . فقال لهم [30] . : رفضتموني ؟ ( * قالوا : نعم . [31] " . فيقال : إنهم [ ص: 472 ] سموا رافضة [32] . ، لقول زيد بن علي [33] . لهم [34] . رفضتموني * ) [35] ، وبقي في شرذمة [36] . فقاتل يوسف بن عمر فقتل " .
قالوا [37] : " والرافضة مجمعون " [38] . على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على استخلاف باسمه ، وأظهر ذلك وأعلنه ، وأن أكثر الصحابة ضلوا بتركهم علي بن أبي طالب [39] . الاقتداء به بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأن الإمامة لا تكون إلا بنص وتوقيف ، وأنها قرابة ، وأنه جائز للإمام في حال التقية [40] . أن يقول إنه : ليس بإمام ، وأبطلوا جميعا الاجتهاد في الأحكام ، وزعموا أن الإمام لا يكون إلا أفضل الناس ، وزعموا أن " عليا [41] . كان مصيبا في جميع أحواله ، وأنه لم يخطئ في شيء من أمور الدين [42] . ، إلا الكاملية - أصحاب أبي كامل - فإنهم أكفروا [43] . الناس بترك الاقتداء به ، وأكفروا بترك الطلب ، وأنكروا الخروج عليا [44] . على [45] . أئمة الجور ، وقالوا : ليس يجوز ذلك دون الإمام [ ص: 473 ] المنصوص على إمامته ، وهم سوى الكاملية أربع وعشرون فرقة ، وهم يدعون الإمامية لقولهم بالنص على إمامة . فالفرقة الأولى وهم علي القطعية [46] . وإنما سموا القطعية [47] . ; لأنهم قطعوا على موت موسى بن جعفر [48] . بن محمد ، وهم وجمهور الشيعة يزعمون [49] . أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على إمامة " علي [50] . ، وأن نص على إمامة عليا " الحسن [51] . ، وأن نص على إمامة الحسن " الحسين [52] . ، " والحسين [53] . نص على إمامة ابنه ، وعلي " علي بن الحسين [54] . بن الحسين نص على إمامة ابنه أبي جعفر محمد " [55] . ، ومحمد نص على إمامة جعفر بن محمد [56] . ، وجعفر نص على إمامة ابنه موسى " [57] . ، وموسى نص على إمامة ابنه ، علي [ ص: 474 ] نص على إمامة ابنه وعلي محمد بن علي " [58] ، ومحمد نص على إمامة ابنه علي بن محمد [59] . ، وعلي بن محمد [60] . نص على إمامة ابنه ، الحسن نص على إمامة ابنه والحسن محمد بن الحسن ، وهو الغائب " [61] . المنتظر عندهم الذين يدعون أنه يظهر فيملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا " [62] . . والفرقة الثانية منهم الكيسانية " المقالات [63] . وهم إحدى عشرة فرقة [64] . ، سموا كيسانية [65] . ; لأن المختار الذي خرج وطلب بدم ودعا إلى الحسين بن علي كان يقال له [ ص: 475 ] محمد بن الحنفية كيسان ويقال : إنه مولى - رضي الله عنه - لعلي بن أبي طالب [66] .
فمن الكيسانية من يدعي أن نص على إمامة عليا " محمد بن الحنفية [67] . ; لأنه دفع إليه الراية [68] . بالبصرة .
ومنهم من يقول : بل نص على إمامة الحسين " محمد بن الحنفية [69] . ، ومنهم من يقول : إن حي محمد بن الحنفية بجبال رضوى : أسد " [70] . عن يمينه ونمر عن شماله يحفظانه ، يأتيه رزقه غدوة وعشية إلى وقت خروجه ، وزعموا أن السبب الذي من أجله صبر على هذه [71] . الحال أن يكون مغيبا عن الخلق أن لله فيه تدبيرا [72] . لا يعلمه غيره .
قالوا : ومن القائلين بهذا المذهب " [73] . كثير الشاعر ، وفي ذلك يقول :
ألا إن الأئمة من قريش ولاة الحق [74] . أربعة سواء [ ص: 476 ] والثلاثة من بنيه علي
هم الأسباط ليس بهم خفاء فسبط سبط إيمان وبر
وسبط غيبته كربلاء وسبط لا يذوق الموت حتى
يقود الخيل يقدمها اللواء تغيب [75] . لا يرى فيهم [76] . زمانا
برضوى عنده عسل وماء
[77] .
ومعلوم أن هؤلاء مع أن قولهم معلوم البطلان ضرورة ، فقول الإمامية أبطل من قولهم ; فإن هؤلاء ادعوا بقاء من كان موجودا حيا معروفا ، وأولئك ادعوا بقاء من لم يوجد بحال . ومن هؤلاء من يقول [78] . : إن مات ، وإن الإمام بعده ابنه محمد ابن الحنفية أبو هاشم عبد الله ، ثم من هؤلاء من يقول : إن أبا هاشم عبد الله [79] . أوصى إلى أخيه ، وإن الحسن أوصى إلى ابنه الحسن علي بن الحسن ، وإن هلك ولم يعقب ، فهم ينتظرون رجعة عليا ويقولون : إنه يرجع ويملك ، فهم [ ص: 477 ] اليوم في التيه لا إمام لهم إلى أن يرجع إليهم محمد بن الحنفية في زعمهم . محمد بن الحنفية
ومنهم من يقول : إن [80] . الإمام بعد أبي هاشم محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، [ أو أبوه ] علي [81] \ 92 . ( * قالوا : وذلك أن أبا هاشم مات بأرض الشراة [82] . منصرفه من الشام * ) [83] . ، وأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد الله بن عباس ، وأوصى محمد بن علي إلى ابنه إبراهيم بن محمد ، ثم أوصى إبراهيم بن محمد إلى أبي العباس السفاح ، ثم أفضت الخلافة إلى بوصية بعضهم إلى بعض . أبي جعفر المنصور
قال [84] \ 94 : ثم رجع بعض [85] . هؤلاء عن هذا القول ، وزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على ونصبه إماما . ثم نص العباس بن عبد المطلب على إمامة ابنه العباس عبد الله ، ونص عبد الله على إمامة ابنه علي بن عبد الله ، ثم ساقوا الإمامة إلى أن انتهوا بها [86] . إلى ، وهؤلاء هم أبي جعفر المنصور الراوندية .
[ ص: 478 ] وافترقت هذه الفرقة في أمر أبي مسلم على مقالتين : فزعمت [87] . فرقة منهم تدعى الرزامية أصحاب رجل يقال له : رزام أن أبا مسلم قتل . وقالت فرقة [88] . أخرى : إن أبا مسلم لم يمت " [89] . ، ويحكى عنهم الاستحلال " [90] . لما لم يحلل [91] . لهم أسلافهم .
ومن الكيسانية طائفة يزعمون " [92] . أن أبا هاشم نصب " [93] . عبد الله بن عمرو بن حرب إماما ، وتحولت روح أبي هاشم فيه ، ثم وقفوا على كذب فصاروا إلى عبد الله بن عمرو المدينة يلتمسون إماما ، فلقوا عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ، فدعاهم إلى أن يأتموا به ، فاتخذوه إماما ، وادعوا " [94] . له الوصية [95] . .
ثم منهم من قال : إنه مات ، ومنهم من قال : إنه لم يمت حتى يقوم ، ومنهم من قال : بل [96] . هو المهدي المبشر به ، وأنه حي بجبال أصبهان .
[ ص: 479 ] ومنهم من يقول : إن أبا هاشم [97] . أوصى إلى بيان بن سمعان . ومنهم من يقول : أوصى إلى . فهذه أقوال من يقول بوصول النص إلى علي بن الحسين ثم محمد بن الحنفية أبي هاشم .
ومن الرافضة من قال : بل النص بعد على ابنه الحسين بن علي [98] . ثم إلى ابنه علي بن الحسين أبي جعفر " [99] . ، وأن أبا جعفر أوصى إلى المغيرة بن سعيد ، فهم يأتمون به إلى أن يخرج المهدي ، والمهدي - فيما زعموا - هو محمد بن عبد الله بن الحسن " [100] . بن علي بن أبي طالب ، وزعموا أنه حي مقيم بناحية الحاجر [101] . وأنه لا يزال مقيما هناك إلى أوان خروجه .
ومن الرافضة من يقول : إن الإمام بعد أبي جعفر محمد بن علي هو محمد بن عبد الله بن الحسن [102] . الخارج بالمدينة في خلافة ، وقصته مشهورة أبي جعفر المنصور [103] " . . وزعموا أنه المهدي ، وأنكروا إمامة المغيرة بن سعيد [ ص: 480 ] ومن الرافضة من قال : إن أبا جعفر أوصى إلى أبي منصور . ( * ثم من هؤلاء من قال : إنه أوصى إلى ابنه الحسن بن أبي منصور * ) [104] . [105] [106] . ومنهم من مال إلى [107] . . تثبيت أمر [108] . محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسين [109] . .
وقالوا : إنما أوصى أبو جعفر إلى أبي منصور دون بني هاشم ، كما أوصى موسى - عليه السلام - [110] . إلى يوشع بن نون دون ولده ، ودون ولد هارون - عليه السلام - [111] . ثم إن الأمر بعد أبي منصور راجع [112] . إلى ولد ، كما رجع الأمر بعد علي يوشع " [113] . إلى ولد هارون .
ومنهم من قال [114] \ 97 : إن أبا جعفر نص على ابنه ، وأن جعفر بن محمد جعفرا حي لم يمت ولا يموت حتى يظهر أمره ، وهو القائم المهدي [115] . .
[ ص: 481 ] ومن الرافضة [116] \ 98 . من يقول : إن مات ، وإن الإمام بعد جعفر بن محمد جعفر ابنه إسماعيل ، وأنكروا أن يكون إسماعيل مات في حياة أبيه ، وقالوا : لا يموت حتى يملك ; لأن أباه قد كان يخبر أنه وصيه والإمام بعده .
الرافضة القرامطة : يزعمون أن خلافة النبي - صلى الله عليه وسلم - اتصلت بالنص إلى ومن جعفر [117] . ، كما يقوله الاثنا عشرية ، وأن جعفرا [118] . نص على إمامة ابن ابنه محمد بن إسماعيل ، وزعموا أن محمد بن إسماعيل حي إلى اليوم - يعني إلى أوائل المائة الرابعة ] [119] . لم يمت ولا يموت حتى [120] . يملك الأرض ، وأنه هو المهدي الذي تقدمت البشارة به . واحتجوا في ذلك بأخبار رووها عن أسلافهم ، يخبرون فيها [121] . أن سابع الأئمة قائمهم .
وهؤلاء [122] . يقال لهم : السبعية كما يقال لأولئك : الاثنا عشرية وهؤلاء ذكر المصنفون [123] . مقالاتهم في أوائل الأمر قبل المائة الرابعة ، قبل ظهورهم بالمغرب [124] . والقاهرة ، فإن هؤلاء انتشر من
أمرهم في أثناء المائة [ ص: 482 ] الرابعة وبعدها ما يطول وصفه ، وظهر فيهم من الزندقة والإلحاد ما لم يعهد مثله لا في الغلاة ولا غيرهم .
ومن بقايا هؤلاء الملاحدة الذين كانوا بخراسان والشام وغيرهما ، وكان أهل بيت من المستجيبين ابن سينا [125] . لدعوتهم زمن الحاكم . وكذلك هذا الطوسي وأمثاله [126] . من أعوانهم ، وكذلك سنان وغيره .
وأذكياؤهم يعلمون كذبهم وجهلهم ، ولكن بسبب خدمتهم يحصل لهم من الرياسة والمال والشهوات ما لا يحصل بدون ذلك ، فهم يعاونونهم كما يعاون [127] . أمثالهم من أهل الكذب والظلم ، لتنال بهم الأغراض .
ومن الرافضة من يقول : إنها في ولد محمد بن إسماعيل ، ومنهم من يقول : إنها في ولد [128] . محمد بن جعفر بن محمد ، لا في إسماعيل وابنه ، ولا في موسى بن جعفر ، ومنهم من يقول : إنها في ابنه ، وكان أكبر من خلف من ولده . عبد الله بن جعفر [129] \ 99 : وهؤلاء يقال لهم : الفطحية [130] . ; لأن كان أفطح الرجلين ، قالوا : وهؤلاء عدد كثير . عبد الله بن جعفر
[ ص: 483 ] ومن الرافضة من يقول بإمامة موسى بن جعفر بن محمد بعد أبيه ، ولكن يقول : إن موسى بن جعفر [131] . حي لم يمت ولا يموت حتى يملك مشرق الأرض ومغربها . وهذا الصنف يدعون الواقفة [132] ; لأنهم وقفوا على موسى بن جعفر ولم يجاوزوه ، ويسمون الممطورة ; لأن يونس بن عبد الرحمن ناظرهم ، فقال : أنتم أهون علي [133] . من الكلاب الممطورة [134] . ، فلزمهم هذا اللقب " [135] . .
ومنهم قوم وقفوا [136] \ 101 في أمر موسى بن جعفر ، فقالوا : لا ندري أمات أم لم يمت .
ومنهم من يقول : إن موسى بن جعفر نص على إمامة ابنه أحمد [137] . .
ومن الرافضة من قال : إن بعد محمد بن الحسن المنتظر عند الاثني [ ص: 484 ] عشرية إماما آخر هو القائم الذي يظهر فيملأ الدنيا [138] . عدلا ويقمع الظلم . " [139] .
فهذا بعض اختلاف الرافضة القائلين بالنص ، فإذا كانوا أعظم تباينا واختلافا من سائر طوائف الأمة ، امتنع أن تكون هي الطائفة الناجية ; لأن أقل ما في الطائفة الناجية أن تكون متفقة في أصول دينها كاتفاق أهل السنة والجماعة على أصول دينهم .
وهؤلاء الإمامية الاثنا عشرية يقولون : إن أصول الدين [140] . أربعة : التوحيد والعدل والنبوة والإمامة . وهم مختلفون في التوحيد والعدل والإمامة . وأما النبوة فغايتهم أن يكونوا مقرين بها كإقرار سائر [141] . الأمة . ( * * ) واختلافهم في الإمامة أعظم من اختلاف سائر الأمة [142] . فإن قالت الاثنا عشرية : نحن أكثر من هذه الطوائف ، فيكون الحق معنا [ ص: 485 ] دونهم [143] . قيل : لهم وأهل السنة أكثر منكم ، فيكون الحق معهم دونكم ، فغايتكم أن تكون سائر فرق الإمامية [144] . معكم بمنزلتكم مع سائر المسلمين ، والإسلام هو دين الله الذي يجمع أهل الحق [145] .