الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الثالث : أن قوله : " هؤلاء الأئمة " إن أراد بذلك [1] أنهم كانوا ذوي سلطان وقدرة معهم السيف [2] ، فهذا كذب ظاهر ، وهم لا يدعون ذلك ، [ ص: 105 ] بل يقولون : إنهم عاجزون ممنوعون مغلوبون مع الظالمين ، لم يتمكن أحد منهم من الإمامة ، إلا علي بن أبي طالب ، مع أن الأمور استصعبت عليه ، ونصف الأمة - أو أقل أو أكثر - لم يبايعوه ، بل كثير منهم قاتلوه وقاتلهم ، وكثير منهم لم يقاتلوه [3] ولم يقاتلوا معه ، وفي هؤلاء من هو أفضل من الذين قاتلوه وقاتلوا معه [4] ، وكان فيهم من فضلاء المسلمين من لم يكن مع علي مثلهم [5] ، بل الذين تخلفوا عن القتال معه وله كانوا أفضل ممن قاتله وقاتل معه .

                  وإن أراد أنه [6] كان لهم علم ودين يستحقون به أن يكونوا أئمة ، فهذه الدعوى إذا صحت لا توجب كونهم أئمة يجب على الناس طاعتهم ، كما أن استحقاق الرجل أن يكون إمام مسجد لا يجعله إماما ، واستحقاقه أن يكون قاضيا [ لا يصيره قاضيا ] [7] ، واستحقاقه أن يكون أمير الحرب لا يجعله أمير الحرب . والصلاة لا تصح إلا خلف من يكون إماما بالفعل ، ولا خلف من ينبغي أن يكون إماما . وكذلك الحكم بين الناس إنما يفصله [8] ذو سلطان وقدرة لا من يستحق أن يولى القضاء ، وكذلك الجند إنما يقاتلون مع أمير عليهم لا مع من لم يؤمر وإن كان يستحق [9] أن يؤمر .

                  [ ص: 106 ] ففي الجملة الفعل مشروط بالقدرة ، فكل من ليس له قدرة وسلطان على الولاية والإمارة لم يكن إماما ، وإن كان يستحق [10] أن يجعل له قدرة حتى يتمكن ، فكونه يسوغ [11] أن يمكن أو يجب أن يمكن [12] ليس هو نفس التمكن ، والإمام هو المتمكن القادر [ الذي له سلطان ] [13] ، وليس في هؤلاء من هو كذلك إلا علي [ رضي الله عنه ] [14] كما تقدم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية