ويقال : ثاني عشر : قولكم : " إنه جلس مكانه " .
كذب ; فإن معاوية لم يطلب الأمر لنفسه ابتداء ، ولا ذهب إلى علي لينزعه عن
[1] إمارته ، ولكن امتنع هو وأصحابه عن [2] مبايعته ، وبقي على ما كان عليه واليا على من كان واليا عليه [3] في زمن عمر وعثمان . ولما جرى حكم الحكمين إنما كان متوليا على رعيته فقط . فإن أريد بجلوسه في مكانه أنه استبد بالأمر دونه في تلك البلاد ، فهذا صحيح ، لكن معاوية - رضي الله عنه - يقول : إني لم أنازعه شيئا هو في يده ، ولم يثبت عندي ما يوجب علي دخولي
[4] في طاعته . وهذا الكلام سواء كان حقا أو باطلا لا يوجب كون صاحبه شرا من إبليس ، ومن جعل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرا من إبليس ، فما أبقى غاية في الافتراء على الله ورسوله والمؤمنين ، والعدوان على خير القرون
[5] في مثل هذا المقام ، والله ينصر رسله والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، والهوى إذا بلغ بصاحبه إلى هذا الحد فقد أخرج صاحبه عن ربقة العقل ، فضلا عن العلم والدين ، فنسأل الله العافية من كل بلية ، وإن حقا على الله أن يذل أصحاب مثل هذا [ ص: 517 ] الكلام [6] ، وينتصر لعباده المؤمنين - من أصحاب نبيه وغيرهم - من هؤلاء المفترين الظالمين
[7] .


