فصل
وكذلك الحديث المذكور عن : ابن عباس أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم [1] وهو نشيط : " أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى " قال : [ ص: 70 ] فقوله : أنا الفتى يعني فتى العرب ، وقوله : ابن الفتى يعني إبراهيم الخليل صلوات الله عليه ، من قوله : سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم [ سورة الأنبياء : 60 ] ، وقوله أخو الفتى يعني ، وهو معنى قول عليا جبريل في يوم بدر وقد عرج إلى السماء وهو فرح وهو يقول : " لا سيف إلا ذو الفقار ، ولا فتى إلا علي " .
فإن هذا الحديث [2] من الأحاديث المكذوبة الموضوعة باتفاق أهل المعرفة بالحديث [3] ، وكذبه معروف من غير جهة الإسناد من وجوه .
منها : أن لفظ الفتى في الكتاب والسنة ولغة العرب ليس هو من أسماء المدح ، كما ليس هو من أسماء الذم ، ولكن بمنزلة اسم [4] الشاب والكهل والشيخ ونحو ذلك . والذين قالوا عن إبراهيم : سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم ، هم الكفار ، ولم يقصدوا مدحه بذلك ، وإنما الفتى كالشاب الحدث [5] .
[ ص: 71 ] ومنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أجل من أن يفتخر بجده وابن عمه [6] .
ومنها : ولا غيره ، وحديث المؤاخاة عليا ومؤاخاة لعلي أبي بكر من الأكاذيب . وإنما آخى بين المهاجرين والأنصار ، ولم يؤاخ بين مهاجري ومهاجري . لعمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يؤاخ
ومنها : أن هذه المناداة يوم بدر كذب .
ومنها : أن ذا الفقار لم يكن ، وإنما كان سيفا من سيوف لعلي أبي جهل غنمه المسلمون منه يوم بدر ، فلم يكن يوم بدر ذو الفقار من سيوف المسلمين ، بل من سيوف الكفار ، كما روى ذلك أهل السنن . فروى الإمام أحمد والترمذي عن وابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تنفل ابن عباس [7] سيفه ذا الفقار [8] يوم بدر [9] .
ومنها : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان بعد النبوة كهلا قد تعدى سن الفتيان .