فصل
وكذلك الحديث الذي ذكره في العهد الذي عهده الله [1] في علي ، وأنه راية الهدى وإمام الأولياء ، وهو الكلمة التي ألزمها للمتقين [2] إلخ [3] .
[ ص: 79 ] فإن هذا كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث [4] والعلم . ومجرد رواية صاحب الحلية ونحوه [5] لا تفيد ولا تدل على الصحة ; فإن صاحب الحلية قد روى في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان والأولياء وغيرهم أحاديث ضعيفة ، بل موضوعة باتفاق العلماء وعلي [6] ، وهو وأمثاله من الحفاظ الثقات أهل [7] الحديث ثقات فيما يروونه عن شيوخهم ، لكن الآفة ممن هو فوقهم . وهم لم يكذبوا في النقل عمن نقلوا عنه ، لكن يكون واحد من رجال الإسناد ممن يتعمد الكذب أو يغلط ، وهم يبلغون عمن حدثهم ما سمعوه منه ، ويروون الغرائب لتعرف . وعامة الغرائب ضعيفة كما قال : " اتقوا هذه الغرائب ، فإن عامتها ضعيفة " . الإمام أحمد
وقوله في الحديث : هو كلمة التقوى . مما يبين أن هذا كذب [8] ، فإن تسميته ( كلمة ) من جنس تسمية المسيح عليه السلام كلمة الله [9] والمسيح سمي بذلك لأن مثله عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ، فهو مخلوق بالكلمة . وأما فهو مخلوق كما خلق [ ص: 80 ] سائر الناس . علي
وكلمة التقوى مثل لا إله إلا الله ، والله أكبر ، من الكلمات التي يصدق المؤمنون بمضمونها إن كانت خبرا [10] ، ويطيعونها إن كانت أمرا ، فمثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .
وكلمة اسم جنس لكل كلمة يتقى الله فيها التقوى [11] ، وهو الصدق والعدل .
فكل من تحرى الصدق في خبره ، والعدل في أمره فقد لزم كلمة التقوى . ، فهو أخص الكلمات بأنها كلمة التقوى . وأصدق الكلام وأعدله قول لا إله إلا الله
وكذلك حديث عمار كلاهما من الموضوعات وابن عباس [12] .