الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  وكذلك الحديث الذي ذكره في العهد الذي عهده الله [1] في علي ، وأنه راية الهدى وإمام الأولياء ، وهو الكلمة التي ألزمها للمتقين [2] إلخ [3] .

                  [ ص: 79 ] فإن هذا كذب موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث [4] والعلم . ومجرد رواية صاحب الحلية ونحوه [5] لا تفيد ولا تدل على الصحة ; فإن صاحب الحلية قد روى في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والأولياء وغيرهم أحاديث ضعيفة ، بل موضوعة باتفاق العلماء [6] ، وهو وأمثاله من الحفاظ الثقات أهل [7] الحديث ثقات فيما يروونه عن شيوخهم ، لكن الآفة ممن هو فوقهم . وهم لم يكذبوا في النقل عمن نقلوا عنه ، لكن يكون واحد من رجال الإسناد ممن يتعمد الكذب أو يغلط ، وهم يبلغون عمن حدثهم ما سمعوه منه ، ويروون الغرائب لتعرف . وعامة الغرائب ضعيفة كما قال الإمام أحمد : " اتقوا هذه الغرائب ، فإن عامتها ضعيفة " .

                  وقوله في الحديث : هو كلمة التقوى . مما يبين أن هذا كذب [8] ، فإن تسميته ( كلمة ) من جنس تسمية المسيح عليه السلام كلمة الله [9] والمسيح سمي بذلك لأن مثله عند الله كمثل آدم ، خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون ، فهو مخلوق بالكلمة . وأما علي فهو مخلوق كما خلق [ ص: 80 ] سائر الناس .

                  وكلمة التقوى مثل لا إله إلا الله ، والله أكبر ، من الكلمات التي يصدق المؤمنون بمضمونها إن كانت خبرا [10] ، ويطيعونها إن كانت أمرا ، فمثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ، يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة .

                  وكلمة التقوى اسم جنس لكل كلمة يتقى الله فيها [11] ، وهو الصدق والعدل .

                  فكل من تحرى الصدق في خبره ، والعدل في أمره فقد لزم كلمة التقوى . وأصدق الكلام وأعدله قول لا إله إلا الله ، فهو أخص الكلمات بأنها كلمة التقوى .

                  وكذلك حديث عمار وابن عباس كلاهما من الموضوعات [12] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية