الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 238 ] ولما كان كون المفعول لا يعقل إلا بعد العدم ظاهرا كان الفلاسفة يجعلون من جملة علل الفعل [1] العدم ، ويجعلون العدم من جملة المبادئ ، وعندهم من جملة الأجناس العالية للأعراض أن يفعل وأن ينفعل ، ويعبرون عنهما [2] بالفعل والانفعال .

                  فإذا قيل : إن البارئ فعل شيئا من العالم لزم أن يقوم به أن يفعل ، وهو الفعل ، فيقوم به الصفات التي سموها الأعراض ، ولزم أن الفعل لا يكون إلا بعد عدم لا يكون مع كون المفعول قديما أزليا ، وقالوا : لما كان ما يسمونه الحركة أو التغير [3] ، أو الفعل محتاجا إلى العدم ، والعدم ليس بمحتاج إليه كان العدم مبدءا له بهذا الاعتبار ، ومرادهم أنه شرط في ذلك ، فإنه لا يكون حركة ولا فعل ونحو ذلك مما قد يسمونه تغيرا واستكمالا إلا بوجود بعد عدم إما عدم ما كان موجودا وإما عدم مستمر كعدم المستكمل ما كان معدوما له ، ثم حصل ، فإذن هذا المتغير والمستكمل [4] ، والمتحرك والمفعول محتاج إلى العدم ، والعدم غير محتاج إليه ، فصار العدم مبدءا له بهذا الاعتبار ، ولهذا كان الفعل ، والانفعال المعروف في العالم إنما هو ما [5] يحدث من تأثير الفاعل وتأثير الفعل ، لا يعقل فعل [6] . ولا انفعال بدون حدوث شيء بعد عدم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية