[ ص: 238 ] ولما كان كون كان الفلاسفة يجعلون من جملة علل الفعل المفعول لا يعقل إلا بعد العدم ظاهرا [1] العدم ، ويجعلون العدم من جملة المبادئ ، وعندهم من جملة الأجناس العالية للأعراض أن يفعل وأن ينفعل ، ويعبرون عنهما [2] بالفعل والانفعال .
، وقالوا : لما كان ما يسمونه الحركة أو التغير فإذا قيل : إن البارئ فعل شيئا من العالم لزم أن يقوم به أن يفعل ، وهو الفعل ، فيقوم به الصفات التي سموها الأعراض ، ولزم أن الفعل لا يكون إلا بعد عدم لا يكون مع كون المفعول قديما أزليا [3] ، أو الفعل محتاجا إلى العدم ، والعدم ليس بمحتاج إليه كان العدم مبدءا له بهذا الاعتبار ، ومرادهم أنه شرط في ذلك ، فإنه لا يكون حركة ولا فعل ونحو ذلك مما قد يسمونه تغيرا واستكمالا إلا بوجود بعد عدم إما عدم ما كان موجودا وإما عدم مستمر كعدم المستكمل ما كان معدوما له ، ثم حصل ، فإذن هذا المتغير والمستكمل [4] ، والمتحرك والمفعول محتاج إلى العدم ، والعدم غير محتاج إليه ، فصار العدم مبدءا له بهذا الاعتبار ، ولهذا كان الفعل ، والانفعال المعروف في العالم إنما هو ما [5] يحدث من تأثير الفاعل وتأثير الفعل ، لا يعقل فعل [6] . ولا انفعال بدون حدوث شيء بعد عدم .