وهم كلهم متفقون على أن ، وهو مأخوذ عن [ ص: 243 ] العدم من جملة العلل أرسطو قال أرسطو في ( مقالة اللام ) التي هي منتهى فلسفته ، وهي علم ما بعد الطبيعة :
( . وأما على طريق المناسبة ، فأخلق بنا - إن نحن اتبعنا ما وصفنا - أن نبين أن . مثال ذلك في الجوهر المحسوس أن الحر نظير الصورة والبرد نظير العدم والعنصر هو الذي له هذان بالقوة ، وفي باب الكيف يكون البياض نظير الصورة والسواد نظير العدم ، والشيء الموضوع لهما هو السطح في قياس العنصر ، ويكون الضوء نظير الصورة ، والظلمة نظير العدم ، والجسم القابل للضوء هو الموضوع لهما ، فليس يمكن على الإطلاق أن تجد عناصر هي بأعيانها عناصر لجميع الأشياء ، وأما على طريق المناسبة والمقايسة فأخلق بها أن توجد ) . مبادئ جميع الأشياء الموجودة ثلاثة : العنصر ، والصورة ، والعدم
قال : ( وليس طلبنا الآن طلب عنصر الأشياء الموجودة لكن قصدنا إنما هو طلب مبدئها ، وكلاهما سبب لها إلا أن [1] المبدأ قد يجوز أن يوجد خارجا عن الشيء مثل السبب المحرك ، وأما العناصر فلا يجوز أن تكون إلا في الأشياء التي هي منها ، وما كان عنصرا ، فليس [ مانع ] [2] يمنع من أن يقال له مبدأ ، وما كان مبدءا ، فليس له عنصر لا محالة .
وذلك أن المبدأ المحرك قد يجوز أن يكون خارجا عن المحرك ، ولكن [3] المحرك القريب من الأشياء الطبيعية هو مثل الصورة ، وذلك أن [ ص: 244 ] الإنسان إنما يلده إنسان ، وأما في الأشياء الوهمية ، فالصورة أو العدم ، مثال ذلك الطب والجهل به ، [ والبناء والجهل به ] [4] ، وفي كثير من الأمور يكون السبب المحرك هو الصورة ، من ذلك أن الطب من وجه ما هو الصحة ; لأنها المحركة ، وصورة البيت من وجه ما هي البناء ، والإنسان إنما يلده إنسان [5] .
وليس قصدنا لطلب المحرك القريب لكن قصدنا للمحرك الأول الذي منه يتحرك جميع الأشياء ، فالأمر فيه بين أنه جوهر ، وذلك أنه مبدأ الجواهر [6] ، ولا يجوز أن يكون مبدأ الجواهر [7] إلا جوهرا ، وهو مبدأ الجواهر [8] ، ومبدأ جميع الأشياء الموجودة ، ولم يكن التهيب من التصريح بهذا فيما تقدم صوابا ، فإن سائر الأشياء إنما هي أحداث وحالات للجوهر ، وحركات له ، وينبغي أن نبحث عن هذا الجوهر الذي يحرك الجسم كله ما هو هل يجب أن نضع أنه نفس ، أو أنه عقل ، أو أنه غيرهما بعد أن نحذر ونتوقى أن نحكم على المبدأ الأول بشيء من الأعراض التي تلزم الأواخر من الأشياء الموجودة ، ولكنه قد يوجد في أواخر الأشياء الموجودة ما هو بالقوة ، وأن يكون الشيء في الأوقات المختلفة على حالات مختلفة ، وأن لا يكون دائما على حال واحدة ، والأشياء التي تقبل الكون والفساد هي التي توجد بهذه الحال ، فإنك تجد الشيء فيها بعينه مرة بالقوة ، ومرة بالفعل .
[ ص: 245 ] مثال ذلك أن الخمر توجد بالفعل [9] بعد أن تغلى وتسكر ، وقد تكون موجودة بالقوة في وقت آخر إذ [10] كانت الرطوبة التي فيها تتولد إنما هي في نفس الكرم واللحم . وربما كان بالفعل ، وربما كان بالقوة في العناصر التي عنها تتولد ، وإذا قلنا بالقوة ، أو بالفعل ، فليس نعني شيئا غير الصورة والعنصر ، ونعني بالصورة التي يمكن أن تنفرد [11] من المركب من الصورة والعنصر ، فأما المنفرد فمثل الضوء والظلمة إذ كان يمكن فيها أن تنفرد عن الهواء ، والمركب منهما فمثل البدن الصحيح ، [ والبدن ] السقيم [12] ، وأعني بالعنصر الشيء الذي يمكن فيه أن يحتمل الحالتين كلتيهما مثل البدن ، فربما كان صحيحا ، وربما كان سقيما .
فهذا الشيء الذي بالفعل ، والذي بالقوة قد يختلف لا في العناصر الموجودة في الأشياء المركبة منهما أعني من الصورة والعنصر [13] لكن في الأشياء الخارجة عن الأشياء المركبة أيضا التي لم يكن عنصرها عنصر الأشياء التي تكون عنها ولا صورتها صورتها لكن غيرها .
فينبغي أن يكون هذا الأمر قائما في وهمك إذا قصدت البحث عن السبب الأول أن بعض العلل المحركة موافقة في الصورة للشيء المتحرك [14] قريبة منه ، وبعضها أبعد منه أما العلة القريبة [15] ، فمثل الأب ، [ ص: 246 ] وأما الشمس ، فهي [16] علة أبعد ، وأبعد من الشمس الفلك المائل ، وهذه الأشياء ليست عللا على طريق عنصر الشيء الحادث ، أو [17] على طريق صورة ، ولا على طريق عدم لكنها إنما هي محركة ، وهي محركة لا على أنها موافقة . [18] في الصورة قريبة مثل الأب لكنها أبعد ، وأقوى فعلا إذ كانت هي ابتداء العلل القريبة أيضا [19] ) . وذكر كلاما آخر ليس هذا موضع بسطه .