السبب الثاني : ؛ فإن الاستغفار [ هو ] الاستغفار [1] طلب المغفرة ، وهو من جنس الدعاء والسؤال ، وهو مقرون بالتوبة في الغالب [ ومأمور [ ص: 211 ] به ] [2] ، لكن قد يتوب الإنسان [ ولا يدعو ] [3] ، وقد يدعو ولا يتوب . وفي الصحيحين عن - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه - عز وجل - أنه قال : " أبي هريرة [4] عبد ذنبا فقال : اللهم اغفر لي ذنبي . فقال الله - تبارك وتعالى - : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب فقال : [ أي ] [5] رب اغفر لي ذنبي . فقال - تبارك وتعالى - : عبدي أذنب ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . ثم عاد فأذنب ، فقال : [ أي ] [6] رب اغفر لي ذنبي . فقال تعالى : أذنب عبدي ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب . قد غفرت لعبدي " وفي رواية أذنب : " لمسلم " فليفعل ما شاء [7] .
، وليس شيء يغفر جميع الذنوب إلا التوبة ، فإن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء . وأما التوبة فإنه قال تعالى : ( والتوبة تمحو جميع السيئات قل ياعبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم ) [ سورة الزمر : 53 ] وهذه لمن تاب . [ ولهذا قال : ( لا تقنطوا من رحمة الله ) بل توبوا إليه ] ، وقال بعدها : ( وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون ) [ سورة الزمر : 54 ] [ ص: 212 ] [8] . وأما . الاستغفار بدون التوبة ، فهذا لا يستلزم المغفرة ، ولكن هو سبب من الأسباب