وأما قوله : " وولى مروان أمره ، وألقى إليه مقاليد أموره ، ودفع إليه خاتمه ، وحدث من ذلك قتل عثمان ، وحدث من الفتنة بين الأمة ما حدث " .
فالجواب : أن قتل عثمان والفتنة لم يكن سببها مروان [1] وحده ، بل اجتمعت أمور متعددة ، من جملتها أمور تنكر من مروان . وعثمان - رضي الله عنه - كان قد كبر ، وكانوا يفعلون أشياء لا يعلمونه بها ، فلم يكن آمرا لهم بالأمور التي أنكرتموها عليه [2] ، بل كان يأمر بإبعادهم وعزلهم ، [ فتارة يفعل ذلك ] [3] ، وتارة لا يفعل ذلك . وقد تقدم [4] الجواب العام .
ولما قدم المفسدون الذين أرادوا قتل عثمان ، وشكوا أمورا ، أزالها كلها [ عثمان ] [5] ، حتى أنه أجابهم إلى عزل من يريدون عزله ، وإلى أن مفاتيح بيت المال تعطى لمن يرتضونه ، وأنه لا يعطي أحدا من المال إلا بمشورة الصحابة ورضاهم ، ولم يبق لهم طلب . ولهذا قالت عائشة [ ص: 249 ] - رضي الله عنها - : " مصصتموه كما يمص [6] الثوب ، ثم عمدتم إليه فقتلتموه " .
وقد قيل : إنه زور [7] عليه كتاب بقتلهم [8] ، وأنهم أخذوه في الطريق ، فأنكر عثمان الكتاب ، وهو الصادق . وأنهم اتهموا به مروان ، وطلبوا تسليمه إليهم ، فلم يسلمه .
وهذا بتقدير أن يكون صحيحا ، لا يبيح [ شيئا ] مما فعلوه [ بعثمان ] [9] . وغايته أن يكون مروان قد أذنب في إرادته قتلهم ، و [ لكن ] لم يتم [10] غرضه . ومن سعى في قتل إنسان ولم يقتله ، لم يجب قتله . فما كان يجب قتل مروان بمثل هذا . نعم ينبغي الاحتراز ممن يفعل مثل هذا ، وتأخيره وتأديبه . ونحو ذلك . أما الدم فأمر عظيم .


