الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  وأما قوله : " وولى مروان أمره ، وألقى إليه مقاليد أموره ، ودفع إليه خاتمه ، وحدث من ذلك قتل عثمان ، وحدث من الفتنة بين الأمة ما حدث " .

                  فالجواب : أن قتل عثمان والفتنة لم يكن سببها مروان [1] وحده ، بل اجتمعت أمور متعددة ، من جملتها أمور تنكر من مروان . وعثمان - رضي الله عنه - كان قد كبر ، وكانوا يفعلون أشياء لا يعلمونه بها ، فلم يكن آمرا لهم بالأمور التي أنكرتموها عليه [2] ، بل كان يأمر بإبعادهم وعزلهم ، [ فتارة يفعل ذلك ] [3] ، وتارة لا يفعل ذلك . وقد تقدم [4] الجواب العام .

                  ولما قدم المفسدون الذين أرادوا قتل عثمان ، وشكوا أمورا ، أزالها كلها [ عثمان ] [5] ، حتى أنه أجابهم إلى عزل من يريدون عزله ، وإلى أن مفاتيح بيت المال تعطى لمن يرتضونه ، وأنه لا يعطي أحدا من المال إلا بمشورة الصحابة ورضاهم ، ولم يبق لهم طلب . ولهذا قالت عائشة [ ص: 249 ] - رضي الله عنها - : " مصصتموه كما يمص [6] الثوب ، ثم عمدتم إليه فقتلتموه " .

                  وقد قيل : إنه زور [7] عليه كتاب بقتلهم [8] ، وأنهم أخذوه في الطريق ، فأنكر عثمان الكتاب ، وهو الصادق . وأنهم اتهموا به مروان ، وطلبوا تسليمه إليهم ، فلم يسلمه .

                  وهذا بتقدير أن يكون صحيحا ، لا يبيح [ شيئا ] مما فعلوه [ بعثمان ] [9] . وغايته أن يكون مروان قد أذنب في إرادته قتلهم ، و [ لكن ] لم يتم [10] غرضه . ومن سعى في قتل إنسان ولم يقتله ، لم يجب قتله . فما كان يجب قتل مروان بمثل هذا . نعم ينبغي الاحتراز ممن يفعل مثل هذا ، وتأخيره وتأديبه . ونحو ذلك . أما الدم فأمر عظيم .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية