[ وأما قوله ] [1] : " الخلاف [2] السادس : في ، قاتلهم قتال مانعي الزكاة [3] واجتهد أبو بكر في أيام خلافته ، فرد السبايا والأموال إليهم ، وأطلق المحبوسين " . عمر
فهذا من الكذب الذي لا يخفى على من عرف أحوال المسلمين ; فإن مانعي الزكاة اتفق أبو بكر على قتالهم ، بعد أن راجعه وعمر في ذلك . عمر
كما في الصحيحين عن أن أبي هريرة قال عمر يا خليفة رسول الله كيف تقاتل الناس وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 348 ] لأبي بكر أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم إلا بحقها ، وحسابهم على الله [4] " . فقال : ألم يقل إلا بحقها وحسابهم على الله أبو بكر [5] ؟ فإن الزكاة من حقها . والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعها . قال : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر عمر للقتال فعرفت أبي بكر [6] أنه الحق [7] .
وفي الصحيحين تصديق فهم عن أبي بكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " ابن عمر " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها [8] .
فعمر وافق على قتال أبا بكر أهل الردة مانعي الزكاة ، وكذلك سائر الصحابة . وأقر أولئك بالزكاة بعد امتناعهم منها [9] ، ولم تسب لهم [ ص: 349 ] ذرية ، ولا حبس منهم أحد ، ولا كان بالمدينة حبس لا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا على عهد . فكيف يموت وهم في حبسه ؟ أبي بكر [10] .
وأول حبس اتخذ في الإسلام بمكة ، اشترى من عمر داره ، وجعلها حبسا صفوان بن أمية بمكة . ولكن من الناس من يقول : سبى نساءهم وذراريهم ، أبو بكر أعاد ذلك عليهم . وهذا إذا وقع ليس فيه بيان اختلافهما فإنه قد يكون وعمر كان موافقا على جواز سبيهم لكن رد إليهم سبيهم كما رد النبي - صلى الله عليه وسلم - على عمر هوازن سبيهم بعد أن قسمه بين المسلمين فمن طابت نفسه بالرد وإلا عوضه [11] من عنده لما أتى أهلهم مسلمين ، فطلبوا رد ذلك إليهم .
وأهل الردة كان [12] قد أبو بكر وسائر الصحابة على أنهم لا يمكنون من ركوب الخيل ولا حمل السلاح بل يتركون يتبعون أذناب البقر حتى يري الله خليفة رسوله والمؤمنين حسن إسلامهم وعمر فلما تبين اتفق حسن إسلامهم رد ذلك إليهم ، لأنه جائز . لعمر