الوجه الثاني : أن يقال : قولكم : يفعل هذه الأمور . لا بد من نصب إمام معصوم
أتريدون أنه [1] لا بد أن يخلق الله ويقيم من يكون متصفا بهذه الصفات ؟ أم يجب على الناس أن يبايعوا من يكون كذلك ؟ .
فإن أردتم الأول ، فالله لم يخلق أحدا متصفا بهذه الصفات ، فإن غاية ما عندكم أن تقولوا : إن كان معصوما لكن الله لم يمكنه ولم يؤيده ، [ ص: 394 ] لا بنفسه ، ولا بجند خلقهم له حتى يفعل ما ذكرتموه . عليا
بل أنتم تقولون : إنه كان عاجزا مقهورا مظلوما في زمن الثلاثة ، ولما صار له جند قام له جند ، آخرون قاتلوه ، حتى لم يتمكن أن يفعل ما فعل الذين كانوا قبله ، الذين هم عندكم ظلمة .
فيكون الله قد أيد أولئك الذين كانوا قبله ، حتى تمكنوا من فعل ما فعلوه من المصالح ، ولم يؤيده حتى يفعل ذلك .
وحينئذ فما خلق الله هذا المعصوم المؤيد الذي اقترحتموه على الله . وإن قلتم : إن الناس يجب عليهم أن يبايعوه ويعاونوه .
قلنا : أيضا فالناس لم يفعلوا ذلك ، سواء كانوا مطيعين أو عصاة .
وعلى كل تقدير فما حصل لأحد من المعصومين عندكم تأييد ، لا من الله ولا من الناس . وهذه المصالح التي ذكرتموها لا تحصل إلا بتأييد [2] ، فإذا لم يحصل ذلك لم يحصل ما به تحصل المصالح ، بل حصل أسباب ذلك ، وذلك لا يفيد المقصود .