الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  الوجه العاشر [1] أن يقال : المطلوب من الأئمة أن يكون الصلاح بهم أكثر من الفساد ، وأن يكون الإنسان معهم أقرب إلى المصلحة وأبعد عن المفسدة ، مما لو عدموا ولم يقم مقامهم ؟ أم المقصود بهم وجود صلاح لا فساد معه ؟ أم مقدار معين من الصلاح ؟ .

                  فإن كان الأول ، فهذا المقصود حاصل لغالب ولاة الأمور . وقد حصل هذا المقصود على عهد أبي بكر وعمر وعثمان ، أعظم مما حصل على عهد علي . وهو حاصل بخلفاء بني أمية وبني العباس ، أعظم مما هو حاصل بالاثني عشر ، وهذا حاصل بملوك الترك والهند ، أكثر مما هو حاصل بالمنتظر الملقب صاحب الزمان ، فإنه ما من أمير يتولى ثم يقدر عدمه بلا نظير ، إلا كان الفساد في عدمه أعظم من الفساد في وجوده ، لكن قد يكون الصلاح في غيره أكثر منه ، كما قد قيل : " ستون سنة مع [2] إمام جائر خير من ليلة واحدة بلا إمام .

                  وإن قيل : بل المطلوب وجود صلاح لا فساد معه .

                  قيل : فهذا لم يقع ، ولم يخلق الله ذلك ، ولا خلق أسبابا توجب ذلك لا محالة . فمن أوجب ذلك ، وأوجب ملزوماته على الله ، كان إما مكابرا لعقله ، وإما ذاما لربه . وخلق ما يمكن معه وجود ذلك ، لا يحصل به ذلك ، إن لم يخلق ما يكون به ذلك .

                  [ ص: 408 ] ومثل هذا يقال في أفعال العباد ، لكن القول في المعصوم أشد ؛ لأن مصلحته تتوقف على أسباب خارجة عن قدرته ، بل عن قدرة الله عند هؤلاء الذين هم معتزلة رافضة ، فإيجاب ذلك على الله أفسد من إيجاب خلق مصلحة كل عبد له .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية