[ ص: 443 ] فصل
قال الرافضي [1] : " الوجه [2] الثاني : أن ، لما بينا من بطلان الاختيار ، وأنه ليس بعض المختارين الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه [3] لبعض الأمة أولى من البعض المختار الآخر [4] ، ولأدائه إلى التنازع [5] والتشاجر ، فيؤدي نصب الإمام إلى أعظم أنواع الفساد التي [6] لأجل إعدام الأقل منها أوجبنا نصبه . وغير علي [7] من أئمتهم لم يكن منصوصا عليه بالإجماع ، فتعين أن يكون هو الإمام " .
والجواب عن هذا بمنع [8] المقدمتين أيضا ، لكن النزاع هنا في الثانية أظهر وأبين ، فإنه قد ذهب طوائف كثيرة من السلف والخلف ، من أهل الحديث والفقه والكلام ، إلى النص على . وذهبت طائفة من أبي بكر الرافضة إلى النص على . العباس
[ ص: 444 ] وحينئذ فقوله : " غير من أئمتهم لم يكن منصوصا عليه بالإجماع " كذب متيقن ، فإنه لا إجماع على نفي النص عن غير علي . وهذا الرافضي المصنف علي [9] ، وإن كان من أفضل بني جنسه ، ومن المبرزين على طائفته ، فلا ريب أن الطائفة كلها جهال . وإلا فمن له معرفة بمقالات الناس كيف يدعي مثل هذا الإجماع ؟ !
ونجيب هنا بجواب ثالث مركب [10] ، وهو أن نقول : لا يخلوا إما أن يعتبر النص في الإمامة وإما أن لا يعتبر . فإن اعتبر منعنا المقدمة الثانية ، إن قلنا : إن النص ثابت . وإن لم يعتبر بطلت [ المقدمة ] لأبي بكر [11] الأولى .
وهنا جواب رابع : وهو أن نقول : الإجماع عندكم ليس بحجة ، وإنما الحجة قول المعصوم ، فيعود الأمر إلى إثبات النص بقول الذي يدعى له العصمة . ولم يثبت بعد لا نص ولا عصمة ، بل يكون قول القائل : " لم يعرف صحة قوله : أنا [12] المعصوم ، وأنا المنصوص على إمامتي " حجة ، وهذا من أبلغ الجهل . وهذه الحجة من جنس التي قبلها .
وجواب خامس : وهو أن يقال : ما تعني بقولك : " يجب أن يكون منصوصا عليه " ؟ [13] . لأنه لا بد من أن يقول : هذا هو الخليفة من بعدي ، [ ص: 445 ] فاسمعوا له وأطيعوا ، فيكون [14] الخليفة بمجرد هذا النص ؟ أم لا يصير هذا [15] إماما حتى تعقد [16] له الإمامة مع ذلك ؟ .
فإن قلت بالأول . قيل : لا نسلم وجوب النص بهذا الاعتبار . والزيدية مع الجماعة تنكر هذا النص ، وهم من الشيعة الذين لا يتهمون على علي [17] .