الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  [ ص: 443 ] فصل

                  قال الرافضي [1] : " الوجه [2] الثاني : أن الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه ، لما بينا من بطلان الاختيار ، وأنه ليس بعض المختارين [3] لبعض الأمة أولى من البعض المختار الآخر [4] ، ولأدائه إلى التنازع [5] والتشاجر ، فيؤدي نصب الإمام إلى أعظم أنواع الفساد التي [6] لأجل إعدام الأقل منها أوجبنا نصبه . وغير علي [7] من أئمتهم لم يكن منصوصا عليه بالإجماع ، فتعين أن يكون هو الإمام " .

                  والجواب عن هذا بمنع [8] المقدمتين أيضا ، لكن النزاع هنا في الثانية أظهر وأبين ، فإنه قد ذهب طوائف كثيرة من السلف والخلف ، من أهل الحديث والفقه والكلام ، إلى النص على أبي بكر . وذهبت طائفة من الرافضة إلى النص على العباس .

                  [ ص: 444 ] وحينئذ فقوله : " غير علي من أئمتهم لم يكن منصوصا عليه بالإجماع " كذب متيقن ، فإنه لا إجماع على نفي النص عن غير علي . وهذا الرافضي المصنف [9] ، وإن كان من أفضل بني جنسه ، ومن المبرزين على طائفته ، فلا ريب أن الطائفة كلها جهال . وإلا فمن له معرفة بمقالات الناس كيف يدعي مثل هذا الإجماع ؟ !

                  ونجيب هنا بجواب ثالث مركب [10] ، وهو أن نقول : لا يخلوا إما أن يعتبر النص في الإمامة وإما أن لا يعتبر . فإن اعتبر منعنا المقدمة الثانية ، إن قلنا : إن النص ثابت لأبي بكر . وإن لم يعتبر بطلت [ المقدمة ] [11] الأولى .

                  وهنا جواب رابع : وهو أن نقول : الإجماع عندكم ليس بحجة ، وإنما الحجة قول المعصوم ، فيعود الأمر إلى إثبات النص بقول الذي يدعى له العصمة . ولم يثبت بعد لا نص ولا عصمة ، بل يكون قول القائل : " لم يعرف صحة قوله : أنا [12] المعصوم ، وأنا المنصوص على إمامتي " حجة ، وهذا من أبلغ الجهل . وهذه الحجة من جنس التي قبلها .

                  وجواب خامس : وهو أن يقال : ما تعني بقولك : " يجب أن يكون منصوصا عليه " ؟ [13] . لأنه لا بد من أن يقول : هذا هو الخليفة من بعدي ، [ ص: 445 ] فاسمعوا له وأطيعوا ، فيكون [14] الخليفة بمجرد هذا النص ؟ أم لا يصير هذا [15] إماما حتى تعقد [16] له الإمامة مع ذلك ؟ .

                  فإن قلت بالأول . قيل : لا نسلم وجوب النص بهذا الاعتبار . والزيدية مع الجماعة تنكر هذا النص ، وهم من الشيعة الذين لا يتهمون على علي [17] .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية