الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                  معلومات الكتاب

                  منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية

                  ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

                  صفحة جزء
                  فصل

                  قال الرافضي [1] : " البرهان السابع والثلاثون : قوله تعالى : ( واجعل لي وزيرا من أهلي ) [ سورة طه : 29 ] من طريق أبي نعيم عن [ ص: 274 ] ابن عباس قال : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد علي وبيدي ونحن بمكة ، وصلى أربع ركعات ، ورفع [2] يده إلى السماء ، فقال : اللهم ، موسى بن عمران سألك ، وأنا محمد نبيك أسألك أن تشرح لي صدري ، وتحلل [3] عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، علي بن أبي طالب أخي ، اشدد به أزري وأشركه في أمري . قال ابن عباس : سمعت [4] مناديا ينادي : يا أحمد قد أوتيت [5] ما سألت . وهذا نص في الباب " .

                  والجواب : المطالبة بالصحة كما تقدم أولا .

                  الثاني : أن هذا [6] كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث [7] ، بل هم يعلمون أن هذا من أسمج الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                  الثالث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان بمكة في أكثر الأوقات لم يكن ابن عباس قد ولد ، وابن عباس [8] ولد وبنو هاشم في الشعب [ ص: 275 ] محصورون ، ولما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن ابن عباس بلغ سن التمييز ، ولا كان ممن يتوضأ ويصلي [9] [ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ] [10] ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات [11] وهو لم يحتلم بعد ، وكان [12] له عند الهجرة نحو خمس سنين أو أقل منها ، وهذا لا يؤمر بوضوء ولا صلاة ; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " مروهم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع " [13] ومن يكون بهذا السن لا يعقل الصلاة ، ولا يحفظ مثل هذا الدعاء إلا بتلقين ، لا يحفظ بمجرد السماع .

                  الرابع : أنهم قد قدموا في قوله : ( إنما وليكم الله ورسوله ) [ سورة المائدة : 55 ] . وحديث التصدق بالخاتم في الصلاة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بهذا الدعاء . وهنا قد ذكروا أنه قد دعا بهذا الدعاء بمكة قبل تلك [14] الواقعة بسنين متعددة ، فإن تلك [15] كانت في سورة المائدة ، والمائدة من آخر القرآن نزولا ، وهذا في مكة . فإذا [16] كان قد دعا بهذا في مكة وقد استجيب له ، فأي حاجة إلى الدعاء به بعد ذلك بالمدينة [17] بسنين متعددة ؟ .

                  [ ص: 276 ] الخامس : أنا قد بينا فيما تقدم [18] وجوها متعددة في بطلان مثل هذا ، فإن هذا الكلام كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة ، ولكن هنا قد زادوا فيه زيادات [19] كثيرة لم يذكروها هناك ، وهي قوله : ( وأشركه في أمري ) [ سورة طه : 32 ] فصرحوا [20] هنا بأن عليا كان شريكه في أمره ، كما كان هارون شريك موسى ، وهذا قول من يقول بنبوته ، وهذا كفر صريح ، وليس هو قول الإمامية ، وإنما هو من قول الغالية .

                  وليس الشريك في الأمر هو الخليفة من بعده ، فإنهم يدعون إمامته بعده ، ومشاركته له في أمره في حياته . وهؤلاء الإمامية وإن كانوا يكفرون من يقول بمشاركته له في النبوة ، لكنهم يكثرون سوادهم في المقال والرجال بمن يعتقدون فيه [21] الكفر والضلال ، وبما يعتقدون أنه من الكفر والضلال ; لفرط منابذتهم للدين ، ومخالفتهم لجماعة المسلمين ، وبغضهم لخيار أولياء الله المتقين ، واعتقادهم فيهم أنهم من المرتدين . فهم كما قيل في المثل : " رمتني بدائها وانسلت " .

                  وهذا الرافضي الكذاب يقول : " وهذا نص في الباب " .

                  فيقال له : يا دبير هذا نص في أن عليا شريكه في أمره في حياته ، كما كان هارون شريكا لموسى . فهل تقول بموجب هذا النص ؟ أم ترجع عن الاحتجاج بأكاذيب المفترين ، وترهات إخوانك المبطلين ؟ .

                  التالي السابق


                  الخدمات العلمية