فصل
قال الرافضي [1] : " واجعل لي وزيرا من أهلي ) [ سورة طه : 29 ] من طريق البرهان السابع والثلاثون : قوله تعالى : ( أبي نعيم عن [ ص: 274 ] قال : ابن عباس أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بيد وبيدي ونحن علي بمكة ، وصلى أربع ركعات ، ورفع [2] يده إلى السماء ، فقال : اللهم ، موسى بن عمران سألك ، وأنا محمد نبيك أسألك أن تشرح لي صدري ، وتحلل [3] عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، أخي ، اشدد به أزري وأشركه في أمري . قال علي بن أبي طالب : سمعت ابن عباس [4] مناديا ينادي : يا قد أوتيت أحمد [5] ما سألت . وهذا نص في الباب " .
والجواب : المطالبة بالصحة كما تقدم أولا .
الثاني : أن هذا [6] كذب موضوع باتفاق أهل العلم بالحديث [7] ، بل هم يعلمون أن هذا من أسمج الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
الثالث : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان بمكة في أكثر الأوقات لم يكن قد ولد ، ابن عباس وابن عباس [8] ولد وبنو هاشم في الشعب [ ص: 275 ] محصورون ، ولما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن بلغ سن التمييز ، ولا كان ممن يتوضأ ويصلي ابن عباس [9] [ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ] [10] ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - مات [11] وهو لم يحتلم بعد ، وكان [12] له عند الهجرة نحو خمس سنين أو أقل منها ، وهذا لا يؤمر بوضوء ولا صلاة ; فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " " مروهم بالصلاة لسبع ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع [13] ومن يكون بهذا السن لا يعقل الصلاة ، ولا يحفظ مثل هذا الدعاء إلا بتلقين ، لا يحفظ بمجرد السماع .
الرابع : أنهم قد قدموا في قوله : ( إنما وليكم الله ورسوله ) [ سورة المائدة : 55 ] . وحديث التصدق بالخاتم في الصلاة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا بهذا الدعاء . وهنا قد ذكروا أنه قد دعا بهذا الدعاء بمكة قبل تلك [14] الواقعة بسنين متعددة ، فإن تلك [15] كانت في سورة المائدة ، والمائدة من آخر القرآن نزولا ، وهذا في مكة . فإذا [16] كان قد دعا بهذا في مكة وقد استجيب له ، فأي حاجة إلى الدعاء به بعد ذلك بالمدينة [17] بسنين متعددة ؟ .
[ ص: 276 ] الخامس : أنا قد بينا فيما تقدم [18] وجوها متعددة في بطلان مثل هذا ، فإن هذا الكلام كذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجوه كثيرة ، ولكن هنا قد زادوا فيه زيادات [19] كثيرة لم يذكروها هناك ، وهي قوله : ( وأشركه في أمري ) [ سورة طه : 32 ] فصرحوا [20] هنا بأن كان شريكه في أمره ، كما كان عليا هارون شريك موسى ، وهذا قول من يقول بنبوته ، وهذا كفر صريح ، وليس هو قول الإمامية ، وإنما هو من قول الغالية .
وليس الشريك في الأمر هو الخليفة من بعده ، فإنهم يدعون إمامته بعده ، ومشاركته له في أمره في حياته . وهؤلاء الإمامية وإن كانوا يكفرون من يقول بمشاركته له في النبوة ، لكنهم يكثرون سوادهم في المقال والرجال بمن يعتقدون فيه [21] الكفر والضلال ، وبما يعتقدون أنه من الكفر والضلال ; لفرط منابذتهم للدين ، ومخالفتهم لجماعة المسلمين ، وبغضهم لخيار أولياء الله المتقين ، واعتقادهم فيهم أنهم من المرتدين . فهم كما قيل في المثل : " رمتني بدائها وانسلت " .
وهذا الرافضي الكذاب يقول : " وهذا نص في الباب " .
فيقال له : يا دبير هذا نص في شريكه في أمره في حياته ، كما كان عليا هارون شريكا لموسى . فهل تقول بموجب هذا النص ؟ أم ترجع عن الاحتجاج بأكاذيب المفترين ، وترهات إخوانك المبطلين ؟ . أن