[ ص: 5 ] ( فصل )
قال الرافضي [1] . : " وأما علم الكلام فهو أصله ، ومن خطبه تعلم [2] الناس ، وكل [3] الناس تلاميذه " .
والجواب : أن هذا الكلام كذب لا مدح فيه ; فإن الكلام المخالف للكتاب والسنة باطل ، وقد نزه الله عليا عنه ، ولم يكن في الصحابة والتابعين أحد يستدل على حدوث العالم بحدوث الأجسام ، ويثبت حدوث الأجسام بدليل الأعراض والحركة والسكون ، والأجسام مستلزمة لذلك لا تنفك عنه ، وما لا يسبق الحوادث فهو حادث ، ويبنى ذلك على حوادث لا أول لها .
بل أول ما ظهر هذا الكلام في الإسلام بعد المائة الأولى ، من جهة الجعد بن درهم ، والجهم بن صفوان ، ثم صار إلى أصحاب عمرو بن عبيد ، كأبي الهذيل العلاف وأمثاله .
وعمرو بن عبيد ، وواصل بن عطاء إنما كانا يظهران الكلام في إنفاذ الوعيد ، وأن النار لا يخرج منها من دخلها ، وفي التكذيب بالقدر ، وهذا كله مما نزه الله عنه [4] عليا .
[ ص: 6 ] وليس في الخطب الثابتة عن علي شيء من أصول المعتزلة الخمسة ، بل كل ذلك إذا نقل عنه فهو كذب عليه . وقدماء المعتزلة لم يكونوا يعظمون عليا ، بل كان فيهم من يشك في عدالته ، ويقول : قد فسق عند إحدى [5] الطائفتين لا بعينها : إما علي ، وإما طلحة والزبير ، فإذا شهد أحدهما لم أقبل شهادته ، وفي قبول شهادة علي منفردة قولان لهم . وهذا معروف عن عمرو بن عبيد وأمثاله من المعتزلة [6] .
والشيعة القدماء كلهم كالهشامين [7] وغيرهما ، يثبتون الصفات ، ويقرون بالقدر ، على خلاف قول متأخري الشيعة ، بل يصرحون بالتجسيم ، ويحكى عنهم فيه شناعات ، وهم يدعون أنهم أخذوا ذلك عن أهل البيت [8] .
[ ص: 7 ] وقد ثبت عن جعفر الصادق أنه سئل عن القرآن : أخالق هو أم مخلوق ؟ فقال : ليس بخالق ولا مخلوق ، لكنه كلام الله .


