وروي من وجوه من حديث وغيرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل عائشة بعد ما مات. عثمان بن مظعون
توفي سنة اثنتين من الهجرة، وقيل بعد اثنين وعشرين شهرا من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة. وقيل: إنه مات على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة بعد شهوده بدرا، فلما غسل وكفن قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عينيه، فلما دفن قال: نعم السلف هو لنا عثمان بن مظعون. إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحق بالسلف الصالح، عثمان بن مظعون [ ص: 1054 ] . ولما توفي
وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه ابنته رضي الله عنها قال: الحقي بسلفنا الخير زينب وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبره بحجر، وكان يزوره. عثمان بن مظعون. قال قال ذلك حين توفيت سعد بن أبي وقاص: رد رسول الله صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ولو أذن له لاختصينا. وكان عابدا مجتهدا من فضلاء الصحابة، وقد كان هو وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهم هموا أن يختصوا ويتبتلوا، فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك. ونزلت فيهم : وأبو ذر
ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ... 5: 93 الآية.
وذكر عن الواقدي، أبي سبرة، عن عاصم بن عبد الله ، عن عبيد الله بن أبي رافع، قال: عثمان بن مظعون، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرا عند رأسه وقال: هذا قبر فرطنا. أول من دفن ببقيع الغرقد وقد قيل: إن كان توفي بعد مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر، وهذا إنما يكون بعد مقدمه من غزوة بدر، لأنه لم يختلف في أنه شهدها، وكان ممن حرم الخمر في الجاهلية. عثمان بن مظعون
وذكر عن ابن المبارك، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين، عبد الرحمن بن سليط .
قال: أحد من حرم الخمر في الجاهلية، عثمان بن مظعون وقال: لا أشرب شرابا يذهب عقلي ويضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي. فلما حرمت الخمر أتى وهو بالعوالي فقيل له: يا عثمان. قد حرمت [ ص: 1055 ] الخمر. فقال: تبا لها! قد كان بصري فيها ثاقبا. قال كان في هذا نظر، لأن تحريم الخمر عند أكثرهم بعد أحد. أبو عمر:
قال مصعب الزبيري: أول من دفن بالبقيع عثمان بن مظعون أبو السائب.
روت عائشة بنت قدامة بن مظعون، عن أبيها، أنه قال: يا رسول الله، إنه لتشق علينا العزبة في المغازي، أفتأذن لي يا رسول الله في الخصاء فأختصي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ولكن عليك يا بن مظعون بالصيام فإنه مجفرة عثمان بن مظعون - . عن أخيه
وأخبرنا أحمد بن محمد، حدثنا أحمد بن الفضل، حدثنا حدثنا محمد بن جرير، حدثنا سفيان بن وكيع، عن ابن وهب، عمرو بن الحارث، أن حدثه عن أبا النضر زياد عن ابن عباس حين مات، فانكب عليه، فرفع رأسه، فكأنهم رأوا أثر البكاء في عينه، ثم حنى عليه الثانية، ثم رفع رأسه فرأوه يبكي، ثم حنى عليه الثالثة، ثم رفع رأسه وله شهيق، فعرفوا أنه يبكي، فبكى القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: مه، إنما هذا من الشيطان، ثم قال: استغفروا الله، أذهب عليك عثمان بن مظعون أبا السائب، فقد حرجت منها ولم تلبس منها بشيء. وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على قال: حدثنا محمد بن إسحاق السراج، محمد بن عبد الرحيم بن يحيى البزار، قال: حدثنا قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حماد بن سلمة، عن علي بن يزيد، عن يوسف بن مهران، قال: ابن عباس، مات عثمان بن [ ص: 1056 ] مظعون قالت امرأته: هنيئا لك الجنة فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر غضب، وقال: ما يدريك؟ قالت: يا رسول الله، حارسك وصاحبك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني رسول الله، وما أدري ما يفعل بي. فأشفق الناس على عثمان بن مظعون، فلما ماتت عثمان، بنت النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحقي بسلفنا الخير، زينب فبكى النساء، فجعل عثمان بن مظعون، رضي الله عنه يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عمر ثم قال: عمر! فما كان من العين فمن الله تعالى ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان. إياكن ونعيق الشيطان، لما
اختلفت الروايات في المرأة قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك حين شهدت لعثمان بن مظعون بالجنة، وقالت له: طبت هنيئا لك الجنة أبا السائب - على ثلاث نسوة، فقيل: كانت امرأته أم السائب، وقيل أم العلاء، الأنصارية، وكان نزل عليها، وقيل: كانت أم خارجة بن زيد. ورثته امرأته، فقالت:
يا عين جودي بدمع غير ممنون على رزية على امرئ كان في رضوان خالقه عثمان بن مظعون
طوبى له من فقيد الشخص مدفون طاب البقيع له سكنى وغرقده
وأشرقت أرضه من بعد تفتين وأورث القلب حزنا لا انقطاع له
حتى الممات وما ترقى له شوني