الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3138 - أبو قيس .

                                                              قيل مالك بن الحارث . وقيل : بل اسم أبي قيس صرمة بن أبي أنس بن مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار هذا قول ابن إسحاق . وقال قتادة : أبو قيس مالك بن صفرة . والصحيح ما تقدم من قول ابن إسحاق . وقال ابن إسحاق : كان رجلا قد ترهب في الجاهلية ، ولبس المسوح ، وفارق الأوثان ، واغتسل من الجنابة ، وهم بالنصرانية ، ثم أمسك عنها ، ودخل بيتا له ، فاتخذه مسجدا لا يدخل عليه فيه طامث ولا جنب ، وقال : أعبد رب إبراهيم . فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أسلم فحسن إسلامه [ ص: 1736 ] وهو شيخ كبير ، وكان قوالا بالحق ، معظما لله في الجاهلية ، ثم حسن إسلامه ، وكان يقول في الجاهلية أشعارا حسانا يعظم الله تعالى فيها ، وهو الذي يقول :


                                                              يقول أبو قيس وأصبح ناصحا ألا ما استطعتم من وصاتي فافعلوا     أوصيكم بالله والبر والتقى
                                                              وأعراضكم والبر بالله أول     وإن قومكم سادوا فلا تحسدوهم
                                                              وإن كنتم أهل الرئاسة فاعدلوا     وإن نزلت إحدى الدواهي بقومكم
                                                              فأنفسكم دون العشيرة فاجعلوا     وإن يأت غرم قادح فارفقوهم
                                                              وما حملوكم في الملمات فاحملوا     وإن أنتم أملقتم فتعففوا
                                                              وإن كان فضل الخير فيكم فأفضلوا

                                                              وله أشعار حسان فيها حكم ووصايا وعلم ، ذكر بعضها ابن إسحاق في السير ، منها قوله :


                                                              سبحوا الله شرق كل صباح     طلعت شمسه وكل هلال
                                                              عالم السر والبيان لدينا     ليس ما قال ربنا بضلال

                                                              [وفيها يقول ] :


                                                              يا بني الأرحام لا تقطعوها     وصلوها قصيرة من طوال
                                                              واتقوا الله في ضعاف اليتامى     ربما يستحل غير الحلال
                                                              واعلموا أن لليتيم وليا     عالما يهتدي بغير السؤال
                                                              ثم مال اليتيم لا تأكلوه     إن مال اليتيم يرعاه وال
                                                              يا بني النجوم لا تخذلوها     إن خذل النجوم ذو عقال

                                                              [ ص: 1737 ]

                                                              يا بني الأيام لا تأمنوها     واحذروا مكرها ومكر الليالي
                                                              واجمعوا أمركم على البر والتقوى     وترك الخنا وأخذ الحلال

                                                              وقد ذكرنا له في باب اسمه أبياتا حسنة من شعره في مدة مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ونزوله المدينة .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية