الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              3355 - زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                              هي زينب بنت جحش بن رئاب بن يعمر بن صبيرة بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان ابن أسد بن خزيمة . أمها أميمة بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                              تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنة خمس من الهجرة ، هذا قول قتادة . وقال أبو عبيدة : إنه تزوجها في سنة ثلاث من التاريخ . ولا خلاف أنها كانت قبله تحت زيد بن حارثة ، وأنها التي ذكر الله تعالى قصتها في القرآن بقوله عز وجل : فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها فلما طلقها زيد وانقضت عدتها تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأطعم عليها خبزا ولحما . ولما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها : ما اسمك؟ قالت : برة ، فسماها زينب . ولما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم في ذلك المنافقون [ ص: 1850 ] وقالوا : حرم محمد نساء الولد ، وقد تزوج امرأة ابنه ، فأنزل الله عز وجل :

                                                              ما كان محمد أبا أحد من رجالكم . إلى آخر الآية . وقال الله تعالى : ادعوهم لآبائهم الآية ، فدعي من يومئذ زيد بن حارثة ، وكان يدعى زيد بن محمد .

                                                              قالت عائشة رضي الله عنها : لم يكن أحد من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تساميني في حسن المنزلة عنده غير زينب بنت جحش ، وكانت تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، فتقول : إن آباءكن أنكحوكن ، وإن الله أنكحني إياه من فوق سبع سماوات .  وغضب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولها في صفية بنت حيي ، تلك اليهودية . فهجرها لذلك ذا الحجة والمحرم وبعض صفر ، ثم أتاها بعد وعاد إلى ما كان عليه معها ، وكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم وفاة بعدها ولحوقا به صلى الله عليه وسلم .

                                                              روى إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن عبد الرحمن بن أبزى ، قال :

                                                              صليت مع عمر على أم المؤمنين زينب بنت جحش ، وكانت أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم وفاة .  

                                                              حدثنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا أحمد بن زهير ، حدثنا معاوية بن عمرو ، حدثنا المسعودي ، عن القاسم ، قال : كانت زينب بنت جحش أول نساء النبي صلى الله عليه وسلم لحوقا به .

                                                              وذكر مسلم بن الحجاج ، حدثنا محمود بن غيلان ، حدثنا الفضل بن موسى الشيباني ، حدثنا طلحة ، عن عائشة أم المؤمنين ، قالت : قال رسول الله [ ص: 1851 ] صلى الله عليه وسلم يوما لنسائه : أسرعكن لحوقا بي أطولكن يدا .  قالت :

                                                              فكن يتطاولن أيتهن أطول يدا ، قالت : فكانت أطولنا يدا زينب ، لأنها كانت تعمل بيدها وتتصدق .


                                                              وروينا من وجوه عن عائشة أنها قالت زينب بنت جحش تساميني في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما رأيت امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله ، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة .

                                                              وذكر موسى بن طارق أبو قرة ، عن زمعة بن صالح ، عن يعقوب ، عن عطاء ، عن الزهري ، عن محمد بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - أنها ذكرت زينب بنت جحش ، فقالت :

                                                              ولم تكن امرأة خيرا منها في الدين ، وأتقى لله تعالى ، وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة ، وأشد تبذلا لنفسها في العمل الذي تتصدق به وتتقرب به إلى الله عز وجل .

                                                              حدثنا عبيد الله بن محمد بن أسد ، حدثنا محمد بن مسرور الغسال ، حدثنا أحمد بن مغيث ، حدثنا الحسين بن الحسن ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، حدثنا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لزيد بن حارثة : اذكرها علي ، قال زيد : فانطلقت ، فقلت لها : أبشري يا زينب ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل يذكرك . فقالت : ما أنا بصانعة شيئا حتى أوامر ربي ، ثم قامت إلى مسجدها ، ونزل القرآن ، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن [ ص: 1852 ] .

                                                              وروى حجاج بن منهال ، حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الله بن شداد - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب : إن زينب بنت جحش أواهة . فقال رجل : يا رسول الله ، ما الأواه؟ قال :

                                                              الخاشع المتضرع ، وإن إبراهيم لحليم أواه منيب .
                                                               
                                                              وتوفيت زينب بنت جحش رضي الله عنها سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب ، وفي هذا العام افتتحت مصر . وقيل : بل توفيت سنة إحدى وعشرين ، وفيها افتتحت الإسكندرية .

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية