الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                              صفحة جزء
                                                              557 - حويطب بن عبد العزى بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي القرشي العامري، كان من مسلمة الفتح، وهو أحد المؤلفة قلوبهم. أدركه الإسلام وهو ابن ستين سنة أو نحوها، وأعطي من غنائم حنين مائة بعير، وهو أحد النفر الذين أمرهم عمر بن الخطاب بتجديد [أنصاب] الحرم، وكان ممن دفن عثمان بن عفان. وباع من معاوية دارا بالمدينة بأربعين ألف دينار، فاستشرف لذلك الناس، فقال لهم معاوية: وما أربعون ألف دينار لرجل له خمسة من العيال؟ يكنى أبا محمد وقيل: يكنى أبا الأصبع.

                                                              روى عنه أبو نجيح المكي، والسائب بن يزيد.

                                                              وقال ابن معين: لست أعلم له حديثا ثابتا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                              قال أبو عمر: قد روى عن عبد الله بن السعدي، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

                                                              وقال مروان يوما لحويطب بن عبد العزى: تأخر إسلامك أيها الشيخ حتى سبقك الأحداث، فقال حويطب: الله المستعان، والله لقد هممت بالإسلام غير ما مرة، كل ذلك يعوقني أبوك عنه وينهاني، ويقول: تضع شرف قومك وتدع دينك ودين آبائك لدين محدث، وتصير تابعا. قال: فأسكت - والله - مروان، وندم على ما كان قال له.

                                                              [ ص: 400 ]

                                                              ثم قال له حويطب: أما كان أخبرك عثمان بما كان لقي من أبيك حين أسلم، فازداد مروان غما. ثم قال حويطب: ما كان في قريش أحد من كبرائها الذين بقوا على دين قومهم إلى أن فتحت مكة أكره لما هو عليه مني، ولكن المقادير.

                                                              ويروى عنه أنه قال: شهدت بدرا مع المشركين فرأيت عبرا، رأيت الملائكة تقتل وتأسر بين السماء والأرض، ولم أذكر ذلك لأحد.

                                                              وشهد مع سهيل بن عمرو صلح الحديبية، وآمنه أبو ذر يوم الفتح، ومشى معه، وجمع بينه وبين عياله حتى نودي بالأمان للجميع، إلا للنفر الذين أمر بقتلهم، ثم أسلم يوم الفتح، وشهد حنينا والطائف مسلما، واستقرضه رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ألف درهم فأقرضه إياها.

                                                              ومات حويطب بالمدينة في آخر إمارة معاوية. وقيل: بل مات سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائة وعشرين سنة.

                                                              التالي السابق


                                                              الخدمات العلمية