وقوله: والذين يرمون أزواجهم بالزنى نزلت في لما أنزل الله الأربعة الشهود، قال: يا رسول الله إن دخل أحدنا فرأى على بطنها رجلا (يعني امرأته) احتاج أن يخرج فيأتي بأربعة شهداء إلى ذلك ما قد قضى حاجته وخرج. وإن قتلته قتلت به. وإن قلت: فعل بها جلدت الحد. فابتلي بها. فدخل على امرأته وعلى بطنها رجل، فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما. وذلك أنها كذبته فينبغي أن يبتدئ الرجل فيشهد فيقول: والله الذي لا إله إلا هو إني صادق فيما رميتها به من الزنى، وفي الخامسة، وإن عليه لعنة الله إن كان من الكاذبين فيما رماها به من الزنى: ثم تقول المرأة فتفعل مثل ذلك، ثم تقوم في الخامسة فتقول: عاصم بن عدي
إن عليها غضب الله إن كان من الصادقين فيما رماها به من الزنى. ثم يفرق بينهما فلا يجتمعان أبدا.
وأما رفع قوله فشهادة أحدهم فإنه من جهتين. إحداهما: فعليه أن يشهد فهي مضمرة، كما أضمرت ما يرفع فصيام ثلاثة وأشباهه، وإن شئت جعلت رفعه بالأربع الشهادات: فشهادته أربع شهادات كأنك قلت والذي يوجب من الشهادة أربع، كما تقول: من أسلم فصلاته خمس.
وكان الأعمش ويحيى يرفعان الشهادة والأربع، وسائر القراء يرفعون الشهادة وينصبون الأربع لأنهم يضمرون للشهادة ما يرفعها، ويوقعونها على الأربع. ولنصب الأربع وجه آخر. وذلك أن [ ص: 247 ] يجعل بالله إنه لمن الصادقين رافعة للشهادة كما تقول: فشهادتي أن لا إله إلا الله، وشهادتي إن الله لواحد. وكل يمين فهي ترفع بجوابها، العرب تقول: حلف صادق لأقومن، وشهادة عبد الله لتقومن. وذلك أن الشهادة كالقول. فأنت تراه حسنا أن تقول: قولي لأقومن وقولي إنك لقائم.
و (الخامسة) في الآيتين مرفوعتان بما بعدهما من أن وأن. ولو نصبتهما على وقوع الفعل كان صوابا: كأنك قلت: وليشهد الخامسة بأن لعنة الله عليه. وكذلك فعلها يكون نصب الخامسة بإضمار تشهد الخامسة بأن غضب الله عليها.