وقوله عز وجل : كالقصر يريد : القصر من قصور مياه العرب ، وتوحيده وجمعه عربيان ، قال الله تبارك وتعالى : سيهزم الجمع ويولون الدبر ، معناه : الأدبار ، وكأن القرآن نزل على ما يستحب العرب من موافقة المقاطع ، ألا ترى أنه قال : إلى شيء نكر ، فثقل في (اقتربت) لأن آياتها مثقلة ، قال :
فحاسبناها حسابا شديدا وعذبناها عذابا نكرا . فاجتمع القراء على تثقيل الأول ، وتخفيف هذا ، ومثله : الشمس والقمر بحسبان ، وقال : جزاء من ربك عطاء حسابا فأجريت رءوس الآيات على هذه المجاري ، وهو أكثر من أن يضبطه الكتاب ، ولكنك تكتفي بهذا منه إن شاء الله [ ص: 225 ] .
ويقال : كالقصر كأصول النخل ، ولست أشتهي ذلك لأنها مع آيات مخففة ، ومع أن الجمل إنما شبه بالقصر ، ألا ترى قوله جل وعز : (كأنه جمالات صفر) ، والصفر :
سود الإبل ، لا ترى أسود من الإبل إلا وهو مشرب بصفرة ، فلذلك سمت العرب سود الإبل :
صفرا ، كما سموا الظباء : أدما لما يعلوها من الظلمة في بياضها ، وقد اختلف القراء في (جمالات) فقرأ وأصحابه : " جمالت " . عبد الله بن مسعود
قال : [حدثنا قال : حدثنا أبو العباس محمد قال ] حدثنا قال : وحدثني الفراء محمد بن الفضل عن عطاء عن يرفعه إلى أبي عبد الرحمن (رحمه الله) أنه قرأ : " جمالات " وهو أحب الوجهين إلي لأن الجمال أكثر من الجمالة في كلام العرب . وهي تجوز ، كما يقال : عمر بن الخطاب
حجر وحجارة ، وذكر وذكارة إلا أن الأول أكثر ، فإذا قلت : جمالات ، فواحدها : جمال ، مثل ما قالوا : رجال ورجالات ، وبيوت وبيوتات ، فقد يجوز أن تجعل واحد الجمالات جمالة ، [وقد حكي عن بعض القراء : جمالات ] ، فقد تكون من الشيء المجمل ، وقد تكون جمالات جمعا من جمع الجمال . كما قالوا : الرخل والرخال ، والرخال .