الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
126 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"لي الواجد يحل عقوبته وعرضه".  

قوله: لي: هو المطل.

يقال: لويت دينه ألويه ليا وليانا، قال "الأعشى".


يلوينني ديني النهار وأقتضي ديني إذا وقذ النعاس الرقدا

وقال "ذو الرمة":


تطيلين لياني وأنت ملية     وأحسن يا ذات الوشاح التقاضيا

وقوله: الواجد: يعني الغني الذي يجد ما يقضي [دينه] .

ومما يصدقه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "مطل الغني ظلم".  

وقوله: يحل عقوبته وعرضه: فإن أهل العلم - يتأولون بالعقوبة الحبس في السجن، [ ص: 390 ] وبالعرض أن يشتد لسانه.

وقوله: فيه نفسه، ولا يذهبون في هذا: إلى أن يقول في حسبه شيئا.

وكذلك وجه الحديث عندي.

ومما يحقق ذلك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لصاحب الحق اليد واللسان".

قال [أبو عبيد] : وسمعت "محمد بن الحسن" يفسر اليد: اللزوم، واللسان: التقاضي.

قال أبو عبيد: وفي هذا الحديث باب من الحكم عظيم.

قوله: "لي الواجد"،  فقال: الواجد، فاشترط الوجد، ولم يقل: لي الغريم؛ وذلك أنه قد يكون أن يكون غريما، وليس بواجد.

وإنما جعل العقوبة على الواجد خاصة، فهذا يبين لك أنه من لم يكن واجدا، فلا سبيل للطالب عليه بحبس، ولا غيره حتى يجد ما يقضي.

وهذا مثل قوله الآخر في الذي اشترى ثمارا، فأصيبت، [ ص: 391 ] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - للغرماء: "خذوا ما قدرتم له عليه، وليس لكم إلا ذلك".  

التالي السابق


الخدمات العلمية