الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
128 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأوعية التي نهى عنها النبي - صلى الله عليه وسلم - : "من الدباء، والحنتم والنقير، والمزفت".  

وقد جاء تفسيرها كلها، أو أكثرها في الحديث.

قال: حدثناه يزيد بن هارون، عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن [ ص: 401 ] أبي بكرة، قال: أما الدباء: فإننا معاشر "ثقيف" كنا "بالطائف" تأخذ الدباة، فنخرط فيها عناقيد العنب، ثم ندفنها حتى تهدر، ثم تموت.

وأما النقير فإن "أهل اليمامة" كانوا ينقرون أصل النخلة، ثم يشدخون فيه الرطب والبسر، ثم يدعونه حتى يهدر، ثم يموت.

وأما الحنتم: فجرار حمر كانت تحمل إلينا فيها الخمر.

قال أبو عبيد: أما في الحديث فحمر، وأما في كلام العرب فخضر، وقد يجوز أن يكونا جميعا.

وأما المزفت: فهذه الأوعية التي فيها الزفت [ ص: 402 ] .

قال أبو عبيد: فهذه الأوعية التي جاء فيها النهي، وهي عند العرب على ما فسرها "أبو بكرة" ، وإنما نهي عنها كلها لمعنى واحد أن النبيذ يشتد فيها حتى يصير مسكرا، ثم رخص فيها وقال: "اجتنبوا كل مسكر"  فاستوت الظروف كلها، ورجع المعنى إلى المسكر، فكل ما فيها وفي غيرها من الأوعية بلغ ذلك، فهو المنهي عنه.

وما لم يكن فيه منها ولا من غيرها مسكرا فلا بأس به.

ومما يبين ذلك قول "ابن عباس": "كل حلال من كل ظرف حلال، وكل حرام في كل ظرف حرام" وقول غيره: "ما أحل ظرف شيئا ولا حرمه".

ومن ذلك قول "أبو بكرة": أإن أخذت عسلا، فجعلته في وعاء خمر أإن ذلك ليحرمه، أو أخذت خمرا فجعلته في سقاء أإن ذلك ليحلها [ ص: 403 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية