الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
246 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "أنه نهى أن يمنع نقع البئر"   [ ص: 414 ] .

قال: حدثنيه "يزيد" عن "محمد بن إسحاق" عن "محمد ابن عبد الرحمن" عن "عمرة" عن "عائشة" [ - رضي الله عنها - ] عن النبي - صلى الله عليه وسلم:

يعني فضل الماء من موضعه الذي يخرج منه العين، أو غير ذلك من قبل أن يصير في إناء أو وعاء لأحد.

فإذا صار ذلك ، فصاحبه أحق به، وهو مال [ ص: 415 ] من ماله.

وأما حديثه الآخر، أنه قال:

"من منع فضل الماء، ليمنع به فضل الكلإ، منعه الله فضله يوم القيامة ".  

هو من حديث "يزيد" عن "هشام" عن "الحسن" يرفعه [ ص: 416 ] .

قال: وحدثنا "أبو النضر" عن "ليث بن سعد" عن "أبي الزناد" عن "الأعرج" عن "أبي هريرة" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

"لا يمنع فضل الماء، ليمنع به فضل الكلإ ".  

فإنها هي البئر تكون في بعض البوادي، ويكون قربها كلأ، فربما سبق إليها بعض الناس، فمنعوا من جاء بعدهم، فإذا منعوهم الماء، فقد منعوهم الكلأ، لأنهم إذا أرعوها الكلأ، ثم لم يرووها من الماء قتلها العطش.

فهذا تأويل قوله: "من منع فضل الماء، ليمنع به فضل الكلأ [ ص: 417 ] منعه الله فضله يوم القيامة ". ومنه الحديث الآخر من حديث "هشيم" عن "عوف" عن "رجل" عن "أبي هريرة" لا أدرى أرفعه أم لا.

قال: "حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها لأعطان الإبل والغنم"  

قال: "وابن السبيل أول شارب لا يمنع فضل الماء، ليمنع به فضل الكلإ ".

قال "أبو عبيد ": معناه: هذه البئر التي وصفنا تكون في قرب الكلإ ليست في ملك أحد، فليس ينبغي أن تناخ فيها إبل، [ ص: 418 ] ولا تشغل بغنم ولا غيره أربعين ذراعا في كل جوانبها إلا للواردة قط، قدر ما ترد وتعطن.

فإذا انقطع ذلك، فلا حق لها فيه.

ويكون "ابن السبيل" أحق به حتى يسقى، ثم الذي يأتي بعده كذلك أيضا.

فهذا قوله: "وابن السبيل أول شارب ".  

قال "أبو عبيد ": وقد يكون فضل الماء أيضا: أن يسقي [ ص: 419 ] الرجل أرضه، فيفضل بعد ذلك ما لا يحتاج إليه، فليس له أن يبيع فضل ذلك الماء.

كذلك يروى عن "عبد الله بن عمرو ".

التالي السابق


الخدمات العلمية