الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
250 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال "لعلي ":

"إن لك بيتا في الجنة، وإنك ذو قرنيها"
 
[ ص: 444 ] .

[قال أبو عبيد" وقد] كان بعض أهل العلم يتأول هذا الحديث، أنه ذو قرني الجنة: يريد ذو طرفيها.

وإنما تأول ذلك، لذكره الجنة في أول الحديث.

وأما أنا فلا أحسبه أراد ذلك - والله أعلم - ، ولكنه أراد: إنك ذو قرني هذه الأمة، فأضمر الأمة، وهذا سائر كثير في القرآن، وفي كلام العرب وأشعارهم، أن يكنوا عن الاسم.

من ذلك قول الله - جل ثناؤه - : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى [ ص: 445 ] .

وفى موضع آخر: ما ترك عليها من دابة

فمعناه عند الناس: الأرض، وهو لم يذكرها.

وكذلك قوله: حتى توارت بالحجاب

يفسرونه أنه أراد الشمس فأضمرها (ولم يذكرها ).

وقد يقول القائل: "ما بها أعلم من فلان ".

يعني القرية، والمدينة، ونحو ذلك .

وقال "حاتم ":


أما وي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما، وضاق بها الصدر [ ص: 446 ]

يعني النفس، ولم يذكرها.

وإنما اخترت هذا التفسير على الأول لحديث عن "علي" نفسه هو عندي مفسر له، ولنا.

وذلك أنه ذكر "ذا القرنين "، فقال:

دعا قومه إلى عبادة الله [عز وجل] ، فضربوه على قرنيه ضربتين، وفيكم مثله.

["أبو عبيد"] : فنرى أنه أراد، بقوله هذا نفسه، أي [ ص: 447 ] إني أدعو إلى الحق حتى أضرب على رأسي ضربتين، يكون فيهما قتلي.

التالي السابق


الخدمات العلمية