"إن لك بيتا في الجنة، وإنك ذو قرنيها" النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قال [ ص: 444 ] .
[قال وقد] كان بعض أهل العلم يتأول هذا الحديث، أنه ذو قرني الجنة: يريد ذو طرفيها. أبو عبيد"
وإنما تأول ذلك، لذكره الجنة في أول الحديث.
وأما أنا فلا أحسبه أراد ذلك - والله أعلم - ، ولكنه أراد: إنك ذو قرني هذه الأمة، فأضمر الأمة، وهذا سائر كثير في القرآن، وفي كلام العرب وأشعارهم، أن يكنوا عن الاسم.
من ذلك قول الله - جل ثناؤه - : ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى [ ص: 445 ] .
وفى موضع آخر: ما ترك عليها من دابة
فمعناه عند الناس: الأرض، وهو لم يذكرها.
وكذلك قوله: حتى توارت بالحجاب
يفسرونه أنه أراد الشمس فأضمرها (ولم يذكرها ).
وقد يقول القائل: "ما بها أعلم من فلان ".
يعني القرية، والمدينة، ونحو ذلك .
وقال "حاتم ":
أما وي ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوما، وضاق بها الصدر [ ص: 446 ]
يعني النفس، ولم يذكرها.وإنما اخترت هذا التفسير على الأول لحديث عن "علي" نفسه هو عندي مفسر له، ولنا.
وذلك أنه ذكر "ذا القرنين "، فقال:
دعا قومه إلى عبادة الله [عز وجل] ، فضربوه على قرنيه ضربتين، وفيكم مثله.
فنرى أنه أراد، بقوله هذا نفسه، أي [ ص: 447 ] إني أدعو إلى الحق حتى أضرب على رأسي ضربتين، يكون فيهما قتلي. ["أبو عبيد"] :