الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
307 - قال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه قرأ عليه "أبي [بن كعب] " فاتحة الكتاب، فقال:

"والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها، إنها للسبع من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته"
 
[ ص: 602 ] .

قال: حدثناه "إسماعيل بن جعفر" عن "العلاء بن عبد الرحمن" عن "أبيه" عن "أبي هريرة" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :

قال "أبو عبيد ": وجدت المثاني على ما جاء في الآثار، وتأويل القرآن في ثلاثة أوجه فهي في أحدها: القرآن كله [ ص: 603 ] .

منها قول الله - تبارك وتعالى - : الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه ". فوقع المعنى على القرآن كله.

قال "أبو عبيد ": ويقال: إنما سمي المثاني؛ لأن القصص والأنباء ثنيت فيه.

ومنه هذا الحديث أيضا، ألا تسمع إلى قوله: "إنها للسبع من المثاني" [ ص: 604 ] .

يريد تأويل قوله [ - تعالى - ] : ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ".

فالمعنى - والله أعلم - أنها السبع الآيات من القرآن [ ص: 605 ] .

وهي في العدد ست، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "سبع ".

ويروى أن السابعة "بسم الله الرحمن الرحيم" فإنها تعد آية في فاتحة الكتاب خاصة يحقق ذلك حديث "ابن عباس ":

قال: حدثناه "حجاج" عن "ابن جريج" عن "أبيه" عن "سعيد بن جبير" عن "ابن عباس" في قوله: ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال: هي فاتحة الكتاب. قال: وقرأها علي "ابن عباس" وعد فيها "بسم الله الرحمن الرحيم ".

فقلت لأبي: أأخبرك "سعيد بن جبير" عن "ابن عباس" أن "بسم الله الرحمن الرحيم" آية من كتاب الله؟

قال: نعم [ ص: 606 ] .

قال "أبو عبيد ": فهذا أحد الوجوه من المثاني، أنه القرآن كله.

وقال بعض الناس [بل] فاتحة الكتاب هي السبع من المثاني.

واحتج بأنها تثنى في الصلاة في كل ركعة.

وفي وجه آخر: أن المثاني ما كان دون المئين، وفوق المفصل من السور   [ ص: 607 ] قال: حدثنا "جرير" عن "منصور" عن "إبراهيم" قال:

قدم "علقمة" "مكة "، فطاف بالبيت أسبوعا، فصلى عند المقام ركعتين قرأ فيهما بالسبع الطول.

ثم طاف أسبوعا، ثم صلى ركعتين قرأ فيهما بالمئين.

ثم طاف أسبوعا، ثم صلى ركعتين قرأ فيهما بالمثاني [ ص: 608 ] .

ثم طاف أسبوعا، ثم صلى ركعتين قرأ فيهما بالمفصل.

ومن ذلك حديث "ابن عباس" [رضي الله عنهما] حين قال "لعثمان ":

"ما حملكم على أن عمدتم إلى "سورة براءة" وهي من المئين، وإلى "الأنفال" وهي من المثاني، فقرنتم بينهما، ولم تجعلوا بينهما سطر "بسم الله الرحمن الرحيم" وجعلتموها. في السبع الطول؟

فقال "عثمان ": إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا [ ص: 609 ] أنزلت عليه السورة، أو الآية، يقول: "اجعلوها في الموضع الذي يذكر فيه كذا وكذا" وتوفي رسول الله [ - صلى الله عليه وسلم - ] ولم يبين لنا.
 


قال "أبو عبيد ": أحسبه قال: "أين نضعها"؟

وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فلذلك قرنت بينهما.

قال "أبو عبيد ": فالمثاني في هذين الحديثين تأويلهما: ما نقص من المئين [ ص: 610 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية