الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
487 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

"لا يدخل الجنة قتات"   [ ص: 353 ] .

حدثنا "أبو عبيد": قال: حدثناه "أبو معاوية الضرير" عن "الأعمش" عن "إبراهيم" عن "همام بن الحارث" عن "حذيفة" عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - :

قال "الكسائي" و"أبو زيد" أو أحدهما: قوله: "قتات" يعني النمام.

يقال منه: فلان يقت الأحاديث قتا، أي ينمها نما.

وقال "الأصمعي" في الذي ينمي الأحاديث هو مثل القتات إذا كان يبلغ هذا عن هذا على وجه الإفساد والنميمة [ ص: 354 ] .

يقال منه: نميت - مشددة - تنمية.

قال: وإذا كان إنما يبلغ على وجه الإصلاح وطلب الخير قيل منه: نميت الحديث إلى فلان مخففة، فأنا أنميه.

قال "أبو عبيد": ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

حدثناه "ابن علية" عن "معمر" عن "الزهري" عن "حميد ابن عبد الرحمن بن عوف" عن "أمه أم كلثوم بنت عقبة"; عن "النبي" - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس: فقال خيرا ونمى خيرا"   [ ص: 355 ] .

يعني: أبلغ ورفع، وكل شيء رفعته فقد نميته، ومنه قول النابغة:


فعد عما ترى إذ لا ارتجاع له وانم القتود على عيرانة أجد.

ولهذا قيل: نمى الخضاب في اليد والشعر إنما هو ارتفع وعلا، فهو ينمي. وزعم بعض الناس أن ينمو لغة.

قال "أبو عبيد": وبلغني عن "سفيان بن عيينة" أنه قال: "لو أن رجلا اعتذر إلى رجل فحرف الكلام وحسنه ليرضيه بذلك لم يكن كاذبا".

يتأول الحديث: "ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا ونمى خيرا"  قال: فإصلاحه ما بينه وبين صاحبه أفضل من إصلاحه ما بين الناس.

التالي السابق


الخدمات العلمية