قال : حدثناه جرير ، عن منصور ، عن أبي وائل ، عن عمر .
قال : وحدثنا مروان بن معاوية الفزاري ، عن الحسن بن عمرو ، عن أبي وائل ، عن عمر مثله ، إلا أنه زاد فيه : "أن يسفكن من دموعهن وهن جلوس " .
قال "الكسائي " في قوله : "نقع ولا لقلقة " : النقع : صنعة الطعام ، يعني في المأتم يقال منه : نقعت أنقع نقعا .
قال أبو عبيد : وغير هذا التأويل أحب إلي منه ، وذلك أن الكسائي ذهب بالنقع [ ص: 173 ] إلى النقيعة ، وإنما النقيعة عند غيره من العلماء صنعة الطعام عند القدوم من سفر لا في المأتم ، قال الشاعر :
إنا لنضرب بالسيوف رؤوسهم ضرب القدار نقيعة القدام
يعني بالقدام القادمين من السفر . وقد قال بعضهم : القدام : الملك .والكلام الأول أشبه .
والقدار : الجزار .
وأما النقع الذي في حديث "عمر " فإنه عندنا رفع الصوت .
على هذا رأيت قول الأكثر من أهل العلم ، وهو أشبه بالمعنى .
ومنه قول "لبيد " :
فمتى ينقع صراخ صادق يحلبوها ذات جرس وزجل
وقوله : ينقع صراخ ، يعني رفع الصوت ، ومما يحقق ذلك المعنى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "ليس منا من صلق أو حلق أو خرق " .
فقوله : صلق يعني رفع الصوت ، يقال : بالسين والصاد [ ص: 174 ] .
وقال بعضهم : يريد عمر بالنقع : وضع التراب على الرأس ، يذهب إلى أن النقع هو الغبار ، ولا أحسب "عمر " ذهب إلى هذا ، ولا خافه منهن وكيف يبلغ خوفه ذا ، وهو يكره لهن القيام ، فقال : يسفكن من دموعهن وهن جلوس .
وقال بعضهم : النقع : شق الجيوب ، وهذا الذي لا أدري ما هو ولا أعرفه ، وليس النقع عندي في هذا الحديث إلا الصوت الشديد .
وأما اللقلقة : فشدة الصوت ، لم أسمع فيها اختلافا .


