الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
حديث شداد بن أوس [رحمه الله]

833 - وقال " أبو عبيد " في حديث " شداد بن أوس": " يا نعايا العرب إن أخوف ما أخاف عليكم الرياء والشهوة الخفية".  هكذا يحدثه المحدثون: يا نعايا [العرب] .

قال " الأصمعي" وغيره: قوله: " يا نعايا" إنما هو في الإعراب:  يا نعاء العرب. تأويلها: انع العرب.

يأمر بنعيهم، كأنه يقول: قد ذهبت العرب، كقول " عمر" [ - رضي الله عنه - ] : "قد - والله - علمت متى تهلك العرب: إذا ساسها من لم يدرك الجاهلية، ولم يصحب الرسول [صلى الله عليه وسلم] ".

قال: حدثنا " الحسين بن عازب" ، قال: حدثناه " شبيب بن غرقدة" ، عن " المستظل بن حصين" ، قال: سمعت " عمر" يقول: ذلك [ ص: 192 ] .

قال " أبو عبيد ": وأما خفض نعاء، فهو مثل قولهم: قطام، ودراك، ونزال، قال " زهير":


ولأنت أشجع من أسامة إذ دعيت نزال ولج في الذعر

وقال غيره:


دراكها من إبل دراكها


قد نزل الموت على أوراكها

و [قال] : كان " أبو عبيدة " ينشد: تراكها بالتاء: أي اتركوها، وإنما المعنى: أنزلوا وأدركوا، وكذلك قول " الكميت" في نعاء، وذكر " جذام" [ ص: 193 ] وانتقالهم إلى " اليمن" بنسبهم، فقال:


نعاء جذاما غير موت ولا قتل     ولكن فراقا للدعائم والأصل

وبعضهم يرويه: " يا نعيان العرب" ، فمن قال هذا، فإنه يريد المصدر نعيته نعيا، ونعيانا، وهو جائز حسن.

وأما قوله: والشهوة الخفية،  فقد اختلف الناس فيها، فذهب بها بعضهم إلى شهوة النساء، وغير ذلك من الشهوات، وهو عندي ليس بمخصوص بشيء واحد، ولكنه في كل شيء من المعاصي يضمره صاحبه، ويصر عليه، فإنما هو لإصرار، وإنما لم يعمله.

[قال " أبو عبيد "] : وقال بعضهم: هو الرجل يصبح معتزما على صيام التطوع، ثم يجد طعاما طيبا، فيفطر من أجله، قال " أبو عبيد ": أظن " ابن عيينة" كان يذهب إلى هذا [ ص: 194 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية