الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                              صفحة جزء
                              الحديث الرابع والأربعون .

                              باب: شج .

                              حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا مبارك بن فضالة، عن عبيد الله، عن نافع، كنت أسمع ابن عمر كثيرا يقول: "ليت شعري، من هذا الأشج من ولد عمر الذي في وجهه علامة يملأ الأرض عدلا؟"  قال إبراهيم: الشجاج تسعة في الرأس، واثنتان في البدن: فأول شجاج الرأس الجالفة وهي فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: "التي تقشر الجلد مع اللحم" قال إبراهيم: ولم أسمع فيها برواية، ولا قود في عمدها، ولكن فيه وفي خطئها حكومة على قدر ما فعل والثانية: الباضعة: وهي فيما أخبرني عمرو، عن أبيه: التي تبضع اللحم أخبرني أبو نصر عن الأصمعي: الباضعة: التي تقطع اللحم بعد الجلد [ ص: 32 ] قال إبراهيم: وهذه تسمى الدامية: لأنها شقت الجلد فظهر الدم، وتسمى الدامعة: لأنها تدمع بدم قليل، وتكون بازلة لتبزل الدم منها، وتكون الدامية لظهور الدم وفيها من الرواية .

                              حدثنا داود بن رشيد، حدثنا يحيى بن زكريا، عن محمد بن سالم، عن الشعبي، عن زيد بن ثابت قال: "في الباضعة مائتا درهم" .

                              حدثنا محمد بن سهل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا محمد بن راشد، عن مكحول، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت قال: "في الدامية بعير" .

                              [ ص: 33 ] حدثنا عبيد الله، حدثنا يزيد بن زريع، عن سعيد، عن قتادة، عن عبد الملك قال: "في الدامية بعير" .

                              حدثنا شريح بن يونس، حدثنا هشيم، عن حجاج، عن مكحول، عن زيد بن ثابت قال: "في الدامعة نصف بعير، وفي البازلة بعير - وهي الدامية -، وفي الباضعة بعيران"  قال إبراهيم: فدل اختلافهم، إذ لم يقفوا في ديتها على شيء واحد، أن ذلك كان منهم على جهة الحكومة، ألزموا الفاعل على قدر ما فعل من عظيم ذلك وصغيره، وكذلك في العمد حكومة - أيضا - إذا لم يمكن أن يفعل بالفاعل مثل ما فعل ثم الثالثة الحارصة: وهي فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي قال: الحارصة: التي أخذت في الجلد قليلا، لأنها تحرص في [ ص: 34 ] الجلد، يقال: حرص في رأسه، ودق القصار الثوب فانحرص قال إبراهيم: وفيها من الرواية .

                              حدثنا داود بن رشيد، حدثنا يحيى بن زكريا، عن أبيه، عن عامر قال: "الحرصة بين الجلد والعظم" .

                              حدثنا مسدد، حدثنا معاذ، عن عوف قال: "شهدت عبد الرحمن بن أذينة يقص لرجل من حرصتين في رأسه" قال إبراهيم: وهذا منكر من فعله، وإنما في عمده وخطئه حكومة.

                              ثم الرابعة المتلاحمة: وهي - فيما أخبرني أبو نصر عن الأصمعي -: التي بينها وبين السمحاق لحمة قال إبراهيم: وفيها من الرواية .

                              حدثنا محمد بن سهل، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا محمد بن راشد، عن مكحول، عن قبيصة بن ذؤيب، عن زيد بن ثابت قال: "في المتلاحمة ثلاثة أبعرة"  قال إبراهيم: وهذه - أيضا - لا قصاص في عمدها، وفي خطئها حكومة، فإن كان زيد بن ثابت حكم في متلاحمة رآها ثلاثة أبعرة، فجائز [ ص: 35 ] . ثم الخامسة السمحاق: وهي - فيما أخبرني أبو نصر عن الأصمعي -: التي بقيت عليها قشيرة تمنعها أن تكون موضحة، وأهل المدينة يسمونها الملطاء قال إبراهيم: وفيها من الرواية .

                              حدثنا عبيد الله بن عمر، حدثنا يزيد، عن سفيان، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن علي: "في السمحاق أربع من الإبل"   .

                              حدثنا أبو بكر، حدثنا زيد بن حباب، عن سفيان، عن مالك، عن يزيد بن قسيط، عن سعيد بن المسيب: أن عمر، وعثمان، قضيا في الملطاء - وهي السمحاق - نصف دية الموضحة " قال إبراهيم: فكأنهما قالا: بعيرين ونصفا وقضى علي وزيد أربعا من الإبل [ ص: 36 ] قال إبراهيم: فدل اختلافهم في ديتها أن ذلك كان على الحكم منهم، وكذلك في عمدها وخطئها حكومة.

                              ثم السادسة الموضحة: - وهي - فيما أخبرني أبو نصر عن الأصمعي قال: الموضحة التي يبدو منها وضح العظام أخبرنا عمرو، عن أبيه قال: الموضحة: التي تبدو عظامها قال إبراهيم: وفيها من الرواية .

                              حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الموضحة من الإبل خمس من الإبل"  قال إبراهيم: وكذا في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم، وهو قول علي، وعبد الله، وزيد، وشريح، والحسن، وعطاء، والشعبي، وإبراهيم، والحكم، وحماد، ومالك، وابن أبي ذئب، وأبي الزناد، وربيعة، وابن هرمز، إلا أن المتفقهة اختلفوا في أسنان الخمس، فكان الحسن يقول: بنت مخاض وابن لبون، وبنت لبون، وحقة، وجذعة، وهو قول مسروق، وشريح [ ص: 37 ] وقال إبراهيم النخعي: بنت مخاض، وابن مخاض، وابن لبون، وحقة، وجذعة فأما القصاص في عمدها فلم يختلفوا فيه، لأنه جائز أن يشق اللحم حتى يبدو العظم.

                              ثم السابعة الهاشمة: وهي - فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي - قال: التي تهشم العظم، وفيها من الرواية .

                              حدثنا موسى، حدثنا حماد، عن قتادة " أن عبد الملك بن مروان قضى في الهاشمة عشرة أبعرة وهو قول سفيان وقتادة، وكان معاوية وفضالة يجعلان فيها مائة دينار، ولم يوقت الحسن فيها شيئا. وقال مالك: أمر أي ذنب فيها اجتهاد الإمام، قال إبراهيم: ودل هذا - أيضا - إذ لم يجمعوا على دية أن ذلك كان منهم حكومة على الاجتهاد.

                              ثم الثامنة المنقلة: وهي - فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي: التي يخرج منها عظام [ ص: 38 ] أخبرنا عمرو عن أبيه قال: " المنقلة التي يخرج منها عظام، وأنشدنا:


                              ولا شجيج أصابته منقلة لا عقل فيها ولا المشجوج ممتثل "



                              وفيها من الرواية:

                              حدثنا أبو كريب، حدثنا رشيد، عن معاوية، وابن لهيعة، عن معاذ بن محمد الأنصاري، عن العباس بن عبد المطلب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا قود في المنقلة" وهو قول علي، والشعبي، وابن شيبة، والزهري. وإذا كانت خطأ ففي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: أن فيها خمس عشرة من الإبل وهو قول علي، وعبد الله، والحسن، وعطاء، وإبراهيم، وابن أبي مليكة، والحكم، وحماد، ومالك، وابن أبي ذئب، وأبي الزناد، وربيعة، وابن هرمز [ ص: 39 ]

                              ثم التاسعة وهي الآمة: وهي - فيما أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي قال: الآمة: التي أصابت أم الرأس، وأمه: جلدة الدماغ فيها والرواية في عمدها .

                              حدثنا أبو كريب، حدثنا رشدين، عن معاوية، وابن لهيعة، عن معاذ بن محمد الأنصاري، عن العباس بن عبد المطلب قال رسول الله لا قود في المأمومة "  وهو قول علي، والزبير، ومكحول، وسليمان بن موسى، والشعبي، والزهري، وابن شبرمة، ومالك، وابن أبي ذئب، وما أقاد منها إلا ابن الزبير .

                              حدثنا عفان، حدثنا عبد الواحد، حدثنا خالد الحذاء، عن عاصم بن المنذر: رأيت ابن الزبير أقص من آمة، فكان صاحبها إذا سمع الرعد غشي عليه قال إبراهيم: والعجب كيف أقص من آمة، وهو لا يصل إلى أم الرأس إلا بكسر العظم، وكسر العظم غير جائز، لأنه لا يفعل ما فعل [ ص: 40 ] الفاعل مثل فعله، وإنما يجوز القصاص من العظام إذا قطعت من مفصل، لأن فعل الفاعل والمفعول فيه سواء ومن فعلها خطأ ففي كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم: "فيها ثلث الدية" وهو قول علي، وعبد الله، وإبراهيم، ومجاهد، والحسن، وشريح، وعطاء، والضحاك، والشعبي، والحكم، وحماد وأما اللتان في البطن: فالجائفة: وهي التي وصلت إلى الجوف .

                              حدثنا الحكم بن موسى، حدثنا إسماعيل بن عياش، عن كلثوم بن زياد، سمعت سليمان بن موسى قال: "الجائفة التي وصلت إلى الجوف" قال إبراهيم: وهذه لا قصاص في عمدها، وأما الخطأ ففيها ثلث الدية، كذا في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم وهو قول علي، ومجاهد، وإبراهيم، والحكم، وحماد [ ص: 41 ] وقال أبو بكر: فيها مائة وقال الحسن: فيها ثلث مائة. وقال إبراهيم: ثلاثون دينارا. فهذا يدل على أنهم جعلوا الدية فيها حكما على قدرها في العظم والصغر ثم النافذة: وهي التي وصلت إلى الجوف، ونفذت إلى الجانب الآخر قضى أبو بكر فيها بثلثي الدية وقال مكحول: ديتان، وقال مجاهد مثله. أرادوا مثلي دية الجائفة .

                              [ ص: 42 ]

                              التالي السابق


                              الخدمات العلمية