اعتقاد   أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم  ،   وأبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر  الرازيين   ، وجماعة من السلف ممن نقل عنهم رحمهم الله  
321 - أخبرنا  محمد بن المظفر المقري  ، قال : حدثنا  الحسين بن   [ ص: 198 ] محمد بن حبش المقري  ، قال : حدثنا   أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم  ، قال :  سألت  أبي وأبا زرعة  عن  مذاهب أهل السنة في أصول الدين   ، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار ، وما يعتقدان من ذلك ؟  
فقالا : " أدركنا العلماء في جميع الأمصار  حجازا   وعراقا   وشاما   ويمنا   فكان من مذهبهم : الإيمان قول وعمل ، يزيد وينقص .  
والقرآن كلام الله غير مخلوق بجميع جهاته .  
والقدر خيره وشره من الله - عز وجل .  
وخير هذه الأمة بعد نبيها - عليه الصلاة والسلام -   أبو بكر الصديق  ، ثم   عمر بن الخطاب  ، ثم   عثمان بن عفان  ، ثم   علي بن أبي طالب     - عليهم السلام - وهم الخلفاء الراشدون المهديون ، وأن العشرة الذين سماهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهد لهم بالجنة على ما شهد به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقوله الحق ، والترحم على جميع أصحاب  محمد      - صلى الله عليه وسلم - والكف عما شجر بينهم .  
وأن الله - عز وجل - على عرشه بائن من خلقه كما وصف نفسه في كتابه ، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - بلا كيف ، أحاط بكل شيء علما ، (  ليس كمثله شيء وهو السميع البصير      ) .  
وأنه تبارك وتعالى يرى في الآخرة ، يراه أهل الجنة بأبصارهم      [ ص: 199 ] ويسمعون كلامه كيف شاء وكما شاء .  
والجنة حق ، والنار حق ، وهما مخلوقان لا يفنيان أبدا ، والجنة ثواب لأوليائه ، والنار عقاب لأهل معصيته إلا من رحم الله - عز وجل .  
والصراط حق ، والميزان حق ، له كفتان ، توزن فيه أعمال العباد حسنها وسيئها حق .  
والحوض المكرم به نبينا حق . والشفاعة حق ، والبعث من بعد الموت حق . وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل .  
ولا نكفر أهل القبلة بذنوبهم ، ونكل أسرارهم إلى الله - عز وجل .  
ونقيم فرض الجهاد والحج مع أئمة المسلمين في كل دهر وزمان . ولا نرى  الخروج على الأئمة   ولا القتال في الفتنة ، ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا ولا ننزع يدا من طاعة ، ونتبع السنة والجماعة ، ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة . وأن الجهاد ماض منذ بعث الله - عز وجل - نبيه - عليه الصلاة والسلام - إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء . والحج كذلك ، ودفع الصدقات من السوائم إلى أولي الأمر من أئمة المسلمين .  
والناس مؤمئون في أحكامهم ومواريثهم ، ولا ندري ما هم عند الله - عز وجل.  
 [ ص: 200 ] فمن قال : إنه مؤمن حقا   فهو مبتدع ، ومن قال : هو مؤمن عند الله فهو من الكاذبين ، ومن قال : هو مؤمن بالله حقا فهو مصيب .  
والمرجئة   المبتدعة ضلال ،  والقدرية   المبتدعة ضلال ، فمن أنكر منهم أن الله - عز وجل - لا يعلم ما لم يكن قبل أن يكون فهو كافر .  
وأن  الجهمية   كفار .  
وأن  الرافضة   رفضوا الإسلام .  
والخوارج   مراق .  
ومن  زعم أن القرآن مخلوق   فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة . ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر .  
ومن شك في كلام الله - عز وجل - فوقف شاكا فيه  يقول : لا أدري مخلوق أو غير مخلوق   فهو جهمي .  
ومن  وقف في القرآن   جاهلا علم وبدع ولم يكفر .  
ومن  قال : لفظي بالقرآن مخلوق   فهو جهمي ، أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي .  
قال  أبو محمد     : وسمعت أبي يقول : " وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر ، وعلامة الزنادقة      [ ص: 201 ] تسميتهم أهل السنة حشوية يريدون إبطال الآثار .  
وعلامة  الجهمية   تسميتهم أهل السنة مشبهة .  
وعلامة  القدرية   تسميتهم أهل الأثر مجبرة .  
وعلامة  المرجئة   تسميتهم أهل السنة مخالفة ونقصانية .  
وعلامة  الرافضة   تسميتهم أهل السنة ناصبة .  
ولا يلحق أهل السنة إلا اسم واحد ويستحيل أن تجمعهم هذه الأسماء .  
322 - قال  أبو محمد     :  وسمعت أبي  وأبا زرعة  يأمران  بهجران أهل الزيغ والبدع   يغلظان في ذلك أشد التغليظ ، وينكران وضع الكتب برأي في غير آثار ، وينهيان عن  مجالسة أهل الكلام والنظر في كتب المتكلمين   ، ويقولان : لا يفلح صاحب كلام أبدا .  
قال  أبو محمد     : " وبه أقول أنا " .  
 [ ص: 202 ] وقال  أبو علي بن حبيش المقرئ     : " وبه أقول " . قال شيخنا   ابن المظفر     : " وبه أقول " . وقال شيخنا يعني المصنف : " وبه أقول " .  
323 -  ووجدت في بعض كتب   أبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي     - رحمه الله - مما سمع منه ، يقول : مذهبنا واختيارنا اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه والتابعين ومن بعدهم بإحسان ، وترك النظر في موضع بدعهم ، والتمسك بمذهب أهل الأثر مثل   أبي عبد الله أحمد بن حنبل  ،  وإسحاق بن إبراهيم  ،   وأبي عبيد القاسم بن سلام  ،   والشافعي     . ولزوم الكتاب والسنة ، والذب عن الأئمة المتبعة لآثار السلف ، واختيار ما اختاره أهل السنة من الأئمة في الأمصار مثل :   مالك بن أنس  في  المدينة   ،   والأوزاعي  بالشام   ،   والليث بن سعد  بمصر   ،   وسفيان الثوري  ،  وحماد بن زياد  بالعراق   من الحوادث مما لا يوجد فيه رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة والتابعين . وترك رأي الملبسين المموهين المزخرفين الممخرقين الكذابين ، وترك النظر في كتب  الكرابيسي  ، ومجانبة من يناضل عنه من أصحابه وشاجرديه مثل  داود الأصبهاني  وأشكاله ومتبعيه .  
والقرآن كلام الله وعلمه وأسماؤه وصفاته وأمره ونهيه ، وليس      [ ص: 203 ] بمخلوق بجهة من الجهات . ومن زعم أنه مخلوق مجعول فهو كافر بالله كفرا ينقل عن الملة ، ومن شك في كفره ممن يفهم ولا يجهل فهو كافر . والواقفة واللفظية جهمية ، جهمهم   أبو عبد الله أحمد بن حنبل     . والاتباع للأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن الصحابة والتابعين بعدهم بإحسان . وترك كلام المتكلمين ، وترك مجالستهم وهجرانهم ، وترك مجالسة من وضع الكتب بالرأي بلا آثار .  
واختيارنا أن الإيمان قول وعمل ، إقرار باللسان وتصديق بالقلب وعمل بالأركان ، مثل الصلاة والزكاة لمن كان له مال ، والحج لمن استطاع إليه سبيلا ، وصوم شهر رمضان ، وجميع فرائض الله التي فرض على عباده ، العمل به من الإيمان .  
والإيمان يزيد وينقص .  
ونؤمن بعذاب القبر .  
وبالحوض المكرم به النبي - صلى الله عليه وسلم - ونؤمن بالمساءلة في القبر .  
وبالكرام الكاتبين .  
وبالشفاعة المخصوص بها النبي - صلى الله عليه وسلم - .  
ونترحم على جميع أصحاب - النبي صلى الله عليه وسلم - ولا نسب أحدا منهم لقوله - عز وجل : (  والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم      ) .  
 [ ص: 204 ] والصواب نعتقد ونزعم أن الله على عرشه بائن من خلقه (  ليس كمثله شيء وهو السميع البصير      ) .  
ولا نرى الخروج على الأئمة ولا نقاتل في الفتنة ، ونسمع ونطيع لمن ولاه الله عز وجل أمرنا .  
ونرى الصلاة والحج والجهاد مع الأئمة ، ودفع صدقات المواشي إليهم .  
ونؤمن بما جاءت به الآثار الصحيحة بأنه يخرج قوم من النار من الموحدين بالشفاعة .  
ونقول : إنا مؤمنون بالله عز وجل ، وكره   سفيان الثوري  أن يقول : أنا مؤمن حقا عند الله ومستكمل الإيمان ، وكذلك قول   الأوزاعي  أيضا .  
وعلامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر .  
وعلامة  الجهمية    أن يسموا أهل السنة مشبهة ونابتة .  
وعلامة  القدرية    أن يسموا أهل السنة مجبرة .  
وعلامة الزنادقة أن يسموا أهل الأثر حشوية . ويريدون إبطال الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم . وفقنا الله وكل مؤمن لما يحب ويرضى من القول والعمل ، وصلى الله على محمد وآله وسلم .  
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					