الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 246 ] قال داود في مزمور له : " ويحوز من البحر إلى البحر ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض ، ويخر أهل الجزائر بين يديه ، ويلحس أعداؤه التراب ويسجد له ملوك الفرس ، وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد ، ويخلص البائس المضطهد ممن هو أقوى منه ، وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له ، ويرأف بالمساكين والضعفاء ، ويصلى عليه ، ويبارك في كل حين " .

وهذه الصفات منطبقة على محمد وأمته ، لا على المسيح فإنه [ ص: 247 ] حاز من البحر الرومي إلى البحر الفارسي ، ومن لدن الأنهار بجيحون وسيحون ، إلى منقطع الأرض بالمغرب ، كما قال : " زويت لي الأرض ، مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " .

وهو يصلى عليه ويبارك في كل حين : في كل صلاة في الصلوات الخمس وغيرها ، يقول كل من أمته : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، فيصلى عليه ويبارك .

[ ص: 248 ] ومنه خرت أهل الجزائر بين يديه ، أهل جزيرة العرب ، وأهل الجزيرة التي بين الفرات ودجلة ، وأهل جزيرة قبرص ، وأهل جزيرة الأندلس .

وخضعت له ملوك الفرس ، فلم يبق منهم إلا من أسلم أو أدى الجزية عن يد وهم صاغرون . بخلاف ملوك الروم ، فإن فيهم من لم يسلم ، ويؤد الجزية ، فلهذا خص ملوك فارس ، ودانت له الأمم التي تعرفه وتعرف أمته ، كانت إما مؤمنة به ، أو مسلمة له منافقة ، أو مهادنة مصالحة ، أو خائفة منهم . وأنقذ الضعفاء من الجبارين .

وهذا بخلاف المسيح ; فإنه لم يتمكن هذا التمكن في حياته ، ولا من اتبعه بعد موته تمكنوا هذا التمكن ، ولا حازوا ما ذكر ، ولا صلي عليه وبورك عليه في اليوم والليلة ، فإن القوم يدعون إلاهيته .

التالي السابق


الخدمات العلمية