[ ص: 246 ] داود في مزمور له : " ويحوز من البحر إلى البحر ومن لدن الأنهار إلى منقطع الأرض ، ويخر قال أهل الجزائر بين يديه ، ويلحس أعداؤه التراب ويسجد له ملوك الفرس ، وتدين له الأمم بالطاعة والانقياد ، ويخلص البائس المضطهد ممن هو أقوى منه ، وينقذ الضعيف الذي لا ناصر له ، ويرأف بالمساكين والضعفاء ، ويصلى عليه ، ويبارك في كل حين " .
وهذه الصفات منطبقة على محمد وأمته ، لا على المسيح فإنه [ ص: 247 ] حاز من البحر الرومي إلى البحر الفارسي ، ومن لدن الأنهار بجيحون وسيحون ، إلى منقطع الأرض بالمغرب ، كما قال : " زويت لي الأرض ، مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " .
وهو يصلى عليه ويبارك في كل حين : في كل صلاة في الصلوات الخمس وغيرها ، يقول كل من أمته : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ، وبارك على محمد وعلى آل محمد ، فيصلى عليه ويبارك .
[ ص: 248 ] ومنه خرت أهل الجزائر بين يديه ، أهل جزيرة العرب ، وأهل الجزيرة التي بين الفرات ودجلة ، وأهل جزيرة قبرص ، وأهل جزيرة الأندلس .
وخضعت له ملوك الفرس ، فلم يبق منهم إلا من أسلم أو أدى الجزية عن يد وهم صاغرون . بخلاف ملوك الروم ، فإن فيهم من لم يسلم ، ويؤد الجزية ، فلهذا خص ملوك فارس ، ودانت له الأمم التي تعرفه وتعرف أمته ، كانت إما مؤمنة به ، أو مسلمة له منافقة ، أو مهادنة مصالحة ، أو خائفة منهم . وأنقذ الضعفاء من الجبارين .
وهذا بخلاف المسيح ; فإنه لم يتمكن هذا التمكن في حياته ، ولا من اتبعه بعد موته تمكنوا هذا التمكن ، ولا حازوا ما ذكر ، ولا صلي عليه وبورك عليه في اليوم والليلة ، فإن القوم يدعون إلاهيته .