[ ص: 263 ] قالوا : وقال أشعياء   - والمراد مكة   - : " أنا رسمتك على كفي ، وسيأتيك أولادك سراعا ، ويخرج عنك من أراد أن يخيفك ويخونك  ، فارفعي بصرك إلى ما حولك ، فإنهم سيأتونك ويجتمعون إليك ، فتسمي باسمي إني أنا الحي ، لتلبسي الحلل وتزيني بالإكليل ، مثل العروس ، ولتضيقن خراباتك من كثرة سكانك والداعين فيك ، وليهابن كل من يناوئك ، وليكثرن أولادك حتى تقولي من رزقني هؤلاء كلهم ؟ وأنا وحيدة فريدة ، يرون رقوبا ، فمن ربى لي هؤلاء ، ومن تكفل لي بهم ؟ " . 
قالوا : وذلك - أيضا - من أشعياء  بشأن الكعبة ، فهي التي ألبسها الله  [ ص: 264 ] الحلل الديباج الفاخرة ، ووكل بخدمتها الخلفاء والملوك ، ومكة   : هي التي ربا الله لها الأولاد من حجاجها ، والقاطنين بها . وذلك أن مكة  هي التي أخرج عنها كل من أراد أن يخيفها ويخربها ، فلم تزل عزيزة مكرمة محرمة ، لم يهنها أحد من البشر قط ، بل أصحاب الفيل لما قصدوها ، عذبهم الله العذاب المشهور ، ولم تزل عامرة محجوجة ، من لدن إبراهيم  الخليل . 
بخلاف بيت المقدس  ، فإنه قد أخرب مرة بعد مرة ، وخلا من السكان ، واستولى العدو عليه وعلى أهله ، وكذلك إخباره بإهانة كل من يناويها : هو للكعبة دون بيت المقدس  ، قال تعالى : 
( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم   ) . 
والحجاج بن يوسف  كان معظما للكعبة ؛  [ ص: 265 ] لم يرمها بمنجنيق ، وإنما قصد  ابن الزبير  خاصة . وأما كثرة أولادها ، وهم الذين يحجون إليها ويستقبلونها في صلاتهم ، فهم أضعاف أضعاف أولاد بيت المقدس   . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					