الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 263 ] قالوا : وقال أشعياء - والمراد مكة - : " أنا رسمتك على كفي ، وسيأتيك أولادك سراعا ، ويخرج عنك من أراد أن يخيفك ويخونك ، فارفعي بصرك إلى ما حولك ، فإنهم سيأتونك ويجتمعون إليك ، فتسمي باسمي إني أنا الحي ، لتلبسي الحلل وتزيني بالإكليل ، مثل العروس ، ولتضيقن خراباتك من كثرة سكانك والداعين فيك ، وليهابن كل من يناوئك ، وليكثرن أولادك حتى تقولي من رزقني هؤلاء كلهم ؟ وأنا وحيدة فريدة ، يرون رقوبا ، فمن ربى لي هؤلاء ، ومن تكفل لي بهم ؟ " .

قالوا : وذلك - أيضا - من أشعياء بشأن الكعبة ، فهي التي ألبسها الله [ ص: 264 ] الحلل الديباج الفاخرة ، ووكل بخدمتها الخلفاء والملوك ، ومكة : هي التي ربا الله لها الأولاد من حجاجها ، والقاطنين بها . وذلك أن مكة هي التي أخرج عنها كل من أراد أن يخيفها ويخربها ، فلم تزل عزيزة مكرمة محرمة ، لم يهنها أحد من البشر قط ، بل أصحاب الفيل لما قصدوها ، عذبهم الله العذاب المشهور ، ولم تزل عامرة محجوجة ، من لدن إبراهيم الخليل .

بخلاف بيت المقدس ، فإنه قد أخرب مرة بعد مرة ، وخلا من السكان ، واستولى العدو عليه وعلى أهله ، وكذلك إخباره بإهانة كل من يناويها : هو للكعبة دون بيت المقدس ، قال تعالى :

( ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم ) .

والحجاج بن يوسف كان معظما للكعبة ؛ [ ص: 265 ] لم يرمها بمنجنيق ، وإنما قصد ابن الزبير خاصة . وأما كثرة أولادها ، وهم الذين يحجون إليها ويستقبلونها في صلاتهم ، فهم أضعاف أضعاف أولاد بيت المقدس .

التالي السابق


الخدمات العلمية