الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح

ابن تيمية - أحمد بن عبد الحليم بن تيمية الحراني

صفحة جزء
[ ص: 275 ] وقال : دانيال عليه السلام ، وذكر محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه ، فقال : " ستنزع في قسيك إغراقا  ، وترتوي السهام بأمرك يا محمد ارتواء " .

فهذا تصريح بغير تعريض ، [ ص: 276 ] وتصحيح ليس فيه تمريض .

فإن نازع في ذلك منازع فليوجدنا آخر اسمه محمد ، له سهام تنزع ، وأمر مطاع لا يدفع .

وقال : دانيال النبي - أيضا - حين سأله بخت نصر عن تأويل رؤيا رآها ، ثم نسيها : " رأيت أيها الملك صنما عظيما ، قائما بين يديك ، رأسه من ذهب ، وساعداه من الفضة ، وبطنه وفخذاه من النحاس ، وساقاه من الحديد ، ورجلاه من الخزف ، ورأيت حجرا لم تقطعه يد إنسان ، قد جاء وصك ذلك الصنم فتفتت وتلاشى وعاد رفاتا ، ثم نسفته الرياح ، فذهب وتحول ذلك الحجر فصار جبلا عظيما حتى ملأ الأرض كلها ، فهذا ما رأيت أيها الملك ؟ " .

فقال بخت نصر : صدق ؛ فما تأويلها ؟

قال دانيال : " أنت الرأس الذي رأيته من الذهب ، ويقوم بعدك ولداك اللذان رأيت من الفضة ، وهما دونك ، ويقوم بعدهما مملكة أخرى هي دونهما ، [ ص: 277 ] وهي شبه النحاس ، والمملكة الرابعة تكون قوية مثل الحديد الذي يدق كل شيء ، فأما الرجلان التي رأيت من خزف فمملكة ضعيفة وكلمتها مشتتة ، وأما الحجر الذي رأيت قد صك ذلك الصنم العظيم ففتته فهو نبي يقيمه الله إله السماء والأرض من قبيلة بشريعة قوية ، فيدق جميع ملوك الأرض وأممها ، حتى تمتلئ منه الأرض ومن أمته ، ويدوم سلطان ذلك النبي إلى انقضاء الدنيا ، فهذا تعبير عن رؤياك أيها الملك " .

فهذا نعت محمد صلى الله عليه وسلم  ، لا نعت المسيح ، فهو الذي بعث بشريعة قوية ، ودق جميع ملوك الأرض وأممها ، حتى امتلأت الأرض منه ومن أمته في مشارق الأرض ومغاربها ، وسلطانه دائم ، لم يقدر أحد أن يزيله كما زال ملك اليهود وزال ملك النصارى عن خيار الأرض وأوسطها .

التالي السابق


الخدمات العلمية