[ ص: 275 ] دانيال عليه السلام ، وذكر محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم باسمه ، فقال : " ستنزع في قسيك إغراقا ، وترتوي السهام بأمرك يا وقال : محمد ارتواء " .
فهذا تصريح بغير تعريض ، [ ص: 276 ] وتصحيح ليس فيه تمريض .
فإن نازع في ذلك منازع فليوجدنا آخر اسمه محمد ، له سهام تنزع ، وأمر مطاع لا يدفع .
وقال : دانيال النبي - أيضا - حين سأله بخت نصر عن تأويل رؤيا رآها ، ثم نسيها : " رأيت أيها الملك صنما عظيما ، قائما بين يديك ، رأسه من ذهب ، وساعداه من الفضة ، وبطنه وفخذاه من النحاس ، وساقاه من الحديد ، ورجلاه من الخزف ، ورأيت حجرا لم تقطعه يد إنسان ، قد جاء وصك ذلك الصنم فتفتت وتلاشى وعاد رفاتا ، ثم نسفته الرياح ، فذهب وتحول ذلك الحجر فصار جبلا عظيما حتى ملأ الأرض كلها ، فهذا ما رأيت أيها الملك ؟ " .
فقال بخت نصر : صدق ؛ فما تأويلها ؟
قال دانيال : " أنت الرأس الذي رأيته من الذهب ، ويقوم بعدك ولداك اللذان رأيت من الفضة ، وهما دونك ، ويقوم بعدهما مملكة أخرى هي دونهما ، [ ص: 277 ] وهي شبه النحاس ، والمملكة الرابعة تكون قوية مثل الحديد الذي يدق كل شيء ، فأما الرجلان التي رأيت من خزف فمملكة ضعيفة وكلمتها مشتتة ، وأما الحجر الذي رأيت قد صك ذلك الصنم العظيم ففتته فهو نبي يقيمه الله إله السماء والأرض من قبيلة بشريعة قوية ، فيدق جميع ملوك الأرض وأممها ، حتى تمتلئ منه الأرض ومن أمته ، ويدوم سلطان ذلك النبي إلى انقضاء الدنيا ، فهذا تعبير عن رؤياك أيها الملك " .
فهذا محمد صلى الله عليه وسلم ، لا نعت المسيح ، فهو الذي بعث بشريعة قوية ، ودق جميع ملوك الأرض وأممها ، حتى امتلأت الأرض منه ومن أمته في مشارق الأرض ومغاربها ، وسلطانه دائم ، لم يقدر أحد أن يزيله كما زال ملك نعت اليهود وزال ملك النصارى عن خيار الأرض وأوسطها .