[ ص: 266 ] فصل
امرأته أمره على عالم كبير من علماء خديجة النصارى يقال له ورقة بن نوفل ، وكان من العرب المتنصرة ، فقال : هذا هو الناموس الذي كان يأتي موسى بن عمران ، يا ليتني أكون فيها جذعا حين يخرجك قومك . يعني : ليتني أكون شابا فإنه كان شيخا كبيرا ، قد كف بصره ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أومخرجي هم قال : نعم ، لم يأت أحد بمثل ما أتيت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . رواه أصحاب الصحيح . وكان أول ما أنزل الله تعالى عليه صلى الله عليه وسلم الوحي ، عرضت
وقدم إليه بمكة طائفة من ، فآمنوا به ، فآذاهم المشركون ، فصبروا واحتملوا أذاهم ، فأنزل الله فيهم : أهل الكتاب من النصارى
[ ص: 267 ] الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرءون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين .
وروى في كتاب دلائل النبوة وأعلام الرسالة ، فقال : أنبأنا البيهقي أبو عبد الله الحافظ أنبأنا ، أبو العباس محمد بن يعقوب [ ص: 268 ] أنبأنا أحمد بن عبد الجبار أنبأنا يونس عن ، قال : ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون رجلا - وهو ابن إسحاق بمكة أو قريب من ذلك - من النصارى حين ظهر خبره في الحبشة فوجدوه في المجلس فكلموه وسألوه ، ورجال من قريش في أنديتهم حول الكعبة ، فلما فرغوا من مساءلتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الله ، وتلا عليهم القرآن ، فلما سمعوا فاضت أعينهم من الدمع ثم استجابوا له ، وآمنوا به وصدقوه ، وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره ، فلما قاموا من عنده اعترضهم أبو جهل في نفر من قريش ، فقالوا : خيبكم الله من ركب بعثكم من وراءكم من أهل دينكم ترتادون لهم فتأتونهم بخبر الرجل فلم تطمئن مجالسكم عنده حتى فارقتم دينكم وصدقتموه بما قال لكم ، ما نعلم ركبا أحمق منكم . أو كما قال لهم ، فقالوا : سلام عليكم لا نجاهلكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ، لا نألوا لأنفسنا إلا خيرا ، ويقال - والله أعلم - إن
[ ص: 269 ] الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله : لا نبتغي الجاهلين . فيهم نزلت هؤلاء الآيات :