[ ص: 86 ] وأما قولهم : لا يلزمنا اتباعه لأننا نحن قد أتانا رسل من قبله خاطبونا بألسنتنا وأنذرونا بديننا الذي نحن متمسكون به يومنا هذا وسلموا إلينا التوراة والإنجيل بلغتنا على ما يشهد لهما الكتاب الذي أتى به هذا الرجل حيث يقول في سورة إبراهيم وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وقال : في سورة النحل ولقد بعثنا في كل أمة رسولا فالجواب عنه من وجوه :
أحدها : أن ، إثبات رسول من قبله إليكم لا يمنع إتيان رسول ثان بني إسرائيل قد بعث الله إليهم موسى - عليه السلام - وكانوا على شريعة التوراة ثم بعث الله - تبارك وتعالى - إليهم فإن المسيح - عليه السلام - ووجب عليهم الإيمان به ومن لم يؤمن به كان كافرا وإن قال [ ص: 87 ] إني متمسك بالكتاب الذي أنزل إلي .
فكذلك إذا أرسل الله رسولا بعد المسيح وجب الإيمان به ومن لم يؤمن به كان كافرا كما أن من لم يؤمن بالمسيح من بني إسرائيل كان كافرا .
وبنو إسرائيل أكثر اختصاصا بموسى والتوراة من الروم وغيرهم فالمسيح والإنجيل ، فإنهم كانوا عبرانيين والتوراة عبرانية .
الوجه الثاني : دعواهم أنهم متمسكون في هذا الوقت بالدين الذي نقله الحواريون عن المسيح - عليه السلام - كذب ظاهر بل هم عامة ما هم عليه من الدين عقائده وشرائعه كالأمانة والصلاة إلى المشرق واتخاذ الصور والتماثيل في الكنائس واتخاذها وسائط والاستشفاع بأصحابها وجعل الأعياد بأسمائهم وبناء الكنائس على أسمائهم واستحلال الخنزير وترك الختان ، والرهبانية ، وجعل الصيام في الربيع وجعله خمسين يوما والصلوات والقرابين والناموس [ ص: 88 ] لم ينقله الحواريون عن المسيح ولا هو موجود لا في التوراة ولا في الإنجيل وإنما هم متمسكون بقليل مما جاءت به الأنبياء وأما كفرياتهم وبدعهم فكثيرة جدا لم ينقل أحد عن المسيح والحواريين أنهم أمروهم أن يقولوا ما يقولونه في صلاتهم السحرية " تعالوا بنا [ ص: 89 ] نسجد للمسيح إلهنا وفي الصلاة الثانية والثالثة : " يا والدة الإله مريم العذراء افتحي لنا أبواب الرحمة " .
الوجه الثالث : قولهم أنهم سلموا إليهم التوراة والإنجيل بلغاتهم إنما يستقيم إن كان صحيحا في بعضالنصارى لا في جميعهم ، فإن العرب من النصارى وغير العرب لم يسلم أحد إليهم توراة ولا إنجيلا بلسانهم وهذا أمر معروف ولا توجد قط توراة ولا إنجيل معرب من زمن الحواريين وإنما عربت في الأزمان المتأخرة فإذا كانت النصارى من العرب تقوم عليهم الحجة قبل محمد - صلى الله عليه وسلم - بكتاب نزل بغير لسانهم ثم عرب لهم فكيف لا تقوم على الروم وغيرهم الحجة بكتاب نزل بغير لسانهم ثم ترجم بلسانهم ؟ .
الوجه الرابع : أن يقال الذي يحبه الله ويرضاه كما أن الأمة إذا غيرت دين رسولها الذي أرسل إليها وبدلته أرسل الله إليها من يدعوها إلى الدين بني إسرائيل لما غيروا دين موسى وبدلوه بعث الله إليهم وإلى غيرهم المسيح بالدين الذي يحبه ويرضاه وكذلك النصارى لما بدلوا دين المسيح وغيروه بعث الله إليهم وإلى غيرهم محمدا - صلى الله عليه وسلم - بالدين الذي يحبه ويرضاه .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : . إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا [ ص: 90 ] من أهل الكتاب
وأولئك البقايا الذين كانوا متمسكين بدين المسيح قبل مبعث محمد - صلى الله عليه وسلم - كانوا على دين الله - عز وجل - وأما من حين بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - فمن لم يؤمن به فهو من أهل النار كما قال : في الحديث الصحيح . والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولا يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار
الوجه الخامس : أن يقال دعواهم أن الرسل سلموا إليهم التوراة والإنجيل وسائر النبوات باثنين وسبعين لسانا وأنها باقية إلى اليوم على لفظ واحد دعوى يعلم أن قائلها يتكلم بلا علم بل مفتر كذاب وذلك أن هذا يقتضي أنه الآن في الأرض هذه الكتب باثنين وسبعين لسانا كلها منقولة عن الحواريين وكلها متفقة غير مختلفة البتة فهذا أربع دعاوى أنها موجودة باثنين وسبعين لسانا وأنها متفقة وأنها كلها منقولة عن الحواريين الرابعة أنهم معصومون .
فيقال : من الذي منكم لو قدر أن هذه الكتب التي باثنين [ ص: 91 ] وسبعين لسانا هي عن الحواريين وهي موجودة اليوم فمن الذي يمكنه أن يشهد بموافقة بعضها بعضا وذلك لا يمكن إلا لمن يعلم الاثنين وسبعين لسانا ويكون ما عنده من الكتب يعلم أنها مأخوذة عن الحواريين ويعلم أن كل نسخة في العالم بهذا اللسان توافق النسخة التي عنده وإلا فلو جمع اثنين وسبعين نسخة باثنين وسبعين لسانا لم يعلم أن كل نسخة من هذه هي المأخوذة عن الحواريين إن قدر أنه أخذ عنهم اثنان وسبعون لسانا ولا يعلم أن كل نسخة في العالم توافق تلك النسخة ، فإنه من المعلوم أنه في زماننا وقبل زماننا لم تزل هذه الكتب تنقل من لسان إلى لسان كما يترجم من العبرانية إلى العربية ومن السريانية والرومية واليونانية إلى العربية وغيرها .
وحينئذ فإذا وجدت نسخة بالعربية لم يعلم أنها مما عربت بعد الحواريين أو هي من المأخوذ عن الحواريين إذا قدر أنه أخذ عنهم نسخة بالعربية ولا يمكن لأحد أن يجمع جميع النسخ المعربة ويقابل بينها بل وقد وجدنا مخالفة شديدة تمنع الثقة ببعضها وقد رأيت أنا بالزبور عدة نسخ معربة بينها من الاختلاف ما لا يكاد ينضبط وما يشهد بأنها مبدلة مغيرة لا يوثق بها ورأيت من التوراة المعربة من النسخ ما يكذب بكثير من ترجمتها طائفة من أهل الكتاب فكيف يمكنه أن يجمع جميع النسخ التي بالاثنين وسبعين لسانا ويقابل بين نسخ كل لسان حتى يكون فيها النسخة [ ص: 92 ] القديمة المأخوذة عن النسخ المعربة يخالف بعضها بعضا في الترجمة الحواريين ثم يقابل بين نسخ جميع الألسنة ولا يمكن ذلك إلا لمن يكون عارفا بالاثنين وسبعين لسانا معرفة تامة وليس في بني آدم من يقدر على ذلك ولو قدر وجود ذلك فلم يعرف أن القادر على ذلك فعل ذلك وأخبرنا باتفاقها .
ولو وجد ذلك لكان هذا خبر واحد أو أن يترجم كل لسان من يعلم صحة ترجمته حتى تنتهي الترجمة إلى لسان واحد كالعربي مثلا ويعلم حينئذ اتفاقها وإلا فإذا ترجم هذا الكتاب بلسان أو لسانين أو أكثر وترجم الآخر كذلك لم يعلم اتفاقها إن لم يعلم أن المعنى بهذا اللسان هو المعنى بهذا اللسان وهذا لا يكون إلا ممن يعرف اللسانين أو من يترجم له اللسانان باللسان الذي يعرفه .
ومعلوم أن أحدا لم يترجم له الاثنان وسبعون لسانا بلسان واحد أو ألسنة يعرفها ولا يعرف أحد باثنين وسبعين لسانا .
وحينئذ فالجزم باتفاق جميع الكتب المكتوبة باثنين وسبعين لسانا أو الجزم بأن نسخ كل لسان متفقة جزم بما لا يعلم صحته لو لم يكن في الأرض اليوم الاثنان وسبعون لسانا منقولة عن الحواريين لم تختلط بالمترجم بعد ذلك فكيف وأكثر ما بأيدي الناس هو مما ترجم بعد ذلك بالعربي وغيره .
هذا إذا ثبت أن الحواريين سلموها باثنين وسبعين لسانا وأنها باقية [ ص: 93 ] إلى اليوم وهذا أمر لا يمكن أحدا معرفته فليس اليوم توراة وإنجيل ونبوات يشهد لها أحد أنها مترجمة باللسان العربي من عهد الحواريين بل ولا بأكثر الألسنة وإلا فإذا قدر أن الحواريين سلموها باثنين وسبعين لسانا مع حصول الترجمة بعد ذلك وكثرة المترجمات أمكن وقوع التغيير في بعض المترجمات وحينئذ فالعلم بأن تلك النسخ القديمة لا تتغير فيها لا يمنع وقوع التغيير في بعض ما ترجم بعدها أو في بعض ما نسخ منها ولا سبيل إلى العلم باتفاقها مع كونها باثنين وسبعين لسانا بخلاف القرآن الذي هو بلسان العرب وخط العرب ، فإن العلم باتفاق ما يوجد من نسخة ممكن وهو محفوظ في الصدور ولا يحتاج إلى حفظ في الكتب فهو منقول بالتواتر لفظا وخطا .
الوجه السادس : قولهم وسلموا إلينا التوراة والإنجيل بلساننا على ما يشهد لهما الكتاب الذي أتى به هذا الرجل فيقال لهم : ليس في القرآن ما يشهد لكم بأن التوراة والإنجيل سلمت إليكم بلسانكم فاستشهادكم بالقرآن على هذه الدعوى من جنس استشهادكم به على أن دينكم حق .
ومن جنس استشهادكم بالنبوات على ما أحدثتموه وغيرتم به دين [ ص: 94 ] المسيح - عليه السلام - من التثليث والاتحاد وغير ذلك وقولهم حيث يقول الله وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وقال - تعالى - : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا فيقال : لا ريب أن قوم موسى - عليه السلام - هم بنو إسرائيل وبلسانهم نزلت التوراة وكذلك بنو إسرائيل هم قوم المسيح - عليه السلام - وبلسانهم كان المسيح يتكلم فلم يخاطب أحد من الرسولين أحدا إلا باللسان العبراني ، لم يتكلم أحد منهما لا برومية ولا سريانية ولا يونانية ولا قبطية .
وقوله - تعالى - : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا كلام مطلق عام كقوله : وإن من أمة إلا خلا فيها نذير ليس في هذا تعرض لكون التوراة والإنجيل سلمت إليهم بألسنتهم .
الوجه السابع : أن يقال عمدتهم في هذه الحجة أنهم يقولون [ ص: 95 ] الحواريون هم عندنا رسل الله كإبراهيم وموسى والمسيح عندنا هو الله وهو أرسل إلينا هؤلاء فيجب أن يكونوا أرسلوا إلينا بلساننا وأن يكونوا سلموا إلينا التوراة والإنجيل بلساننا .
فيقال : لهم هب أنكم تدعون هذا وتعتقدونه ونحن سنبين - إن شاء الله تعالى - أن هذه دعاوى باطلة لكن أنتم في هذا المقام تذكرون أن هذا الكتاب الذي هو القرآن الذي جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - يشهد لكم بذلك وهذا كذب ظاهر على محمد - صلى الله عليه وسلم - وعلى كتابه وأنتم صدرتم كتابكم بأن كتابه يشهد لكم ونحن نبين كذبكم وافتراءكم عليه سواء أقررتم بنبوته أو لم تقروا بها ، فإنه من المعلوم يقينا عنه أنه لم يشهد للمسيح بأنه الله بل كفر من قال ذلك ولا يشهد للحواريين بأنهم رسل أرسلهم الله بل إنما شهد للحواريين بأنهم قالوا إنا مؤمنون مسلمون وأنهم قالوا : نحن أنصار الله كما شهد لمن آمن به بأنهم مؤمنون مسلمون ينصرون الله ورسوله بل وأنهم أفضل من الحواريين لكون أمته خير الأمم كما قال - تعالى - : فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون [ ص: 96 ] وقال - تعالى - : وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون وقال - تعالى - : ياأيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله كما قال عيسى ابن مريم للحواريين من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين وسيأتي الكلام على هذا مبسوطا ونبين أن ليس هم الرسل المذكورين في سورة " يس " الحواريين ولا كانوا رسلا للمسيح بل كان هذا الإرسال قبل المسيح وأهل القرية كذبوا أولئك الرسل فأهلكهم الله كما قال - تعالى - : وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين ( 28 ) إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون والرسل المذكورون في سورة " يس " هم ثلاثة وكان في القرية رجل آمن بهم وهذه وإن كانت أنطاكية فكان هذا الإرسال قبل المسيح والمسيح - عليه السلام - ذهب إلى أنطاكية اثنان من أصحابه بعد رفعه [ ص: 97 ] إلى السماء ولم يعززوا بثالث ولا كان حبيب النجار موجودا إذ ذاك وآمن أهل أنطاكية بالمسيح - عليه السلام - وهي أول مدينة آمنت به كما قد بسط في غير هذا الموضع .
والمقصود هنا أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - لم يشهد للمسيح بالإلهية ولا للحواريين بأنهم رسل الله ولا أنهم سلموا إليهم التوراة والإنجيل بلسانهم ولا بأنهم معصومون وما ذكروه من قوله - تعالى - : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه إنما يتناول رسل الله لا رسل رسل الله بل رسل رسل الله يجوز أن يبلغوا رسالات الرسل بلسان الرسل إذا كان هناك من يترجم لهم ذلك اللسان وإن لم يكن هناك من يترجم ذلك اللسان كانت رسل الرسل [ ص: 98 ] تخاطبهم بلسانهم لكن لا يلزم من هذا أن يكونوا قد كتبوا الكتب الإلهية بلسانهم بل يكفي أن يقرءوها بلسان الأنبياء - عليهم السلام - ثم يترجموها بلسان أولئك وهو سبحانه قال وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ولم يقل وما أرسلنا من رسول إلا إلى قومه بل محمد أرسل بلسان قومه وهم قريش وأرسل إلى قومه وغير قومه كما يذكرون ذلك عن المسيح - عليه السلام - [ ص: 99 ] فصل
وأما قوله - تعالى - : ولقد بعثنا في كل أمة رسولا فحق وتمام الآية ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين وهذا كقوله - تعالى - : في الآية الأخرى إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير وقوله : إنما أنت منذر ولكل قوم هاد في أصح الأقوال أي ولكل قوم داع يدعوهم إلى توحيد الله [ ص: 100 ] وعبادته كما أنت هاد أي داع لمن أرسلت إليه والهادي بمعنى الداعي المعلم المبلغ لا بمعنى الذي يجعل الهدى في القلوب كقوله : وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم ( 52 ) صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وقوله : وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ومعلوم أن بني إسرائيل كانوا أكثر الأمم أنبياء بعث إليهم موسى وبعث إليهم بعده أنبياء كثيرون حتى قيل أنهم ألف نبي وكلهم يأمرون بشريعة التوراة ولا يغيرون منها شيئا ثم جاء المسيح بعد ذلك بشريعة أخرى غير فيها بعض شرع التوراة بأمر الله - عز وجل .
فإذا كان إرسال موسى والأنبياء بعده إليهم لم يمنع إرسال المسيح إليهم فكيف يمتنع إرسال محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى ولهم من حين المسيح لم يأتهم رسول من الله كما قال - تعالى - : [ ص: 101 ] ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير وهذه الفترة التي كانت بين المسيح ومحمد - صلوات الله عليهما وسلامه - وهي فيما ذكره غير واحد من العلماء وغيره كانت ستمائة سنة وقد قيل ستمائة سنة شمسية وهي ستمائة وعشرون أو ثمانية عشر هلالية وذلك أن كل مائة سنة شمسية تكون مائة وثلاث سنين هلالية كما قال - تعالى - : كسلمان الفارسي ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا وهذه التسع وبعض العاشرة والتاريخ قد تحسب فيه التامة وتحسب فيه الناقصة فمن قال عشرين حسب الناقصة ومن قال ثمانية عشر حسب التامة فقط .