( يستوجب ) يستحق ( الحمد على اقتضاها ) الضمير للحكمة ، فله الحمد على مقتضى حكمته في جميع خلقه وأمره ، فجميع ما يفعله ويأمر به هو موجب ربوبيته ، ومقتضى أسمائه وصفاته ، وله الحمد على جميع أفعاله ، وله الحمد على خلقه وأمره ، وهو المحمود على طاعة العباد ومعاصيهم ، وإيمانهم وكفرهم ، وهو المحمود على خلقه الأبرار والفجار ، وعلى خلقه الملائكة والشياطين ، وعلى خلقه الرسل وأعداءهم ، وهو المحمود على عدله وحكمته في أعدائه ، كما هو المحمود على فضله ورحمته على أوليائه ، وكل ذرة من ذرات الكون شاهدة بحكمته وحمده ، كما قال تعالى : ( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ) ، ( الإسراء : 44 ) ، وقال : ( يسبح لله ما في السماوات وما في الأرض له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) ، ( التغابن : 1 ) ، وقال تعالى : ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ) ، ( القصص : 68 ) ، ( وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) ، ( القصص : 69 - 70 ) ، وعلمنا النبي - صلى الله عليه وسلم - في : ذكر الاعتدال من الركوع . وفي ربنا لك الحمد ملء السماوات [ ص: 229 ] والأرض ، وملء ما بينهما ، وملء ما شئت من شيء بعد : الذكر عقب الصلوات . لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير
وفي التلبية : . وفي الدعاء المأثور : اللهم لك الحمد كله ، ولك الملك كله ، وبيدك الخير كله ، وإليك يرجع الأمر كله ، أسألك الخير كله ، وأعوذ بك من الشر كله . وفي لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك : دعاء الافتتاح من صلاة الليل ومحمد - صلى الله عليه وسلم - حق . الحديث . اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت قيوم السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ، ولك الحمد أنت الحق ، ووعدك الحق ، ولقاؤك حق ، والساعة حق ، والجنة حق ، والنار حق ، والنبيون حق ،
والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة ، والمقصود أن ، كما لا يكون إلا ربا وإلها ، فله الحمد كله ، وله الملك كله ، لا شريك له في حمده ، كما لا شريك له في ملكه ، وإن كان بعض خلقه محمودا كالرسل والعلماء ، فمرجع ذلك الحمد إليه ، كما أن مصدره وموجبه منه تعالى ، وهو الذي جعلهم كذلك ، وهذا كما أنه الملك لا شريك له في ملكه ، ويرزق بعض عباده إذا شاء ملكا ، وهو مالكه وملكه ، وكما أنه العليم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء ، فيعلم بعض عباده من علمه ما شاء . الرب - عز وجل - لا يكون إلا محمودا
وقال في ذكر عبده يعقوب - عليه السلام : ( وإنه لذو علم لما علمناه ) ، ( يوسف : 68 ) ، وكذلك ما من [ ص: 230 ] محمود في السماوات ولا في الأرض إلا وذلك الحمد راجع إلى الله - عز وجل - في الحقيقة ، فحمد كل محمود داخل في حمده ، كما أن كل ملك داخل في ملكه ، وكل شيء فمنه وله وإليه ، فله الحمد رب السماوات والأرض رب العالمين ، وله الكبرياء في السماوات والأرض ، وهو العزيز الحكيم .