الفصل الثامن :
nindex.php?page=treesubj&link=29399زواجه ، وما يتعلق به - صلى الله عليه وسلم -
والضرب الثاني ما يتفق المدح بكثرته ، والفخر بوفوره ، كالنكاح ، والجاه .
أما النكاح فمتفق فيه شرعا ، وعادة ، فإنه دليل الكمال ، وصحة الذكورية ، ولم يزل التفاخر بكثرته عادة معروفة ، والتمادح به سيرة ماضية ، وأما في الشرع فسنة مأثورة ، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أفضل هذه الأمة أكثرها نساء يشير إليه - صلى الله عليه وسلم - ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989170تناكحوا تناسلوا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة . nindex.php?page=treesubj&link=26821ونهى عن التبتل مع ما فيه من قمع الشهوة ، وغض البصر اللذين نبه عليهما - صلى الله عليه وسلم - بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989171من كان ذا طول فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج حتى لم يره العلماء مما يقدح في الزهد .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله : قد حببن إلى سيد المرسلين ، فكيف يزهد فيهن ؟ ونحوه
nindex.php?page=showalam&ids=16008لابن عيينة ، وقد كان زهاد الصحابة - رضي الله عنهم - كثيري الزوجات ، والسراري ، كثيري النكاح ، وحكي في ذلك عن
علي ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، وغيرهم غير شيء ، وقد كره غير واحد أن يلقى الله عزبا .
[ ص: 169 ] فإن قيل : كيف يكون النكاح ، وكثرته من الفضائل ، وهذا
يحيى بن زكريا - عليه السلام - قد أثنى الله - تعالى - عليه أنه كان حصورا ، فكيف يثني الله عليه بالعجز عما تعده فضيلة ؟ . وهذا
عيسى ابن مريم - عليه السلام - تبتل من النساء ، ولو كان كما قررته لنكح ؟ فاعلم أن ثناء الله - تعالى - على
يحيى بأنه حصور ليس كما قال بعضهم : إنه كان هيوبا ، أو لا ذكر له ، بل قد أنكر هذا حذاق المفسرين ، ونقاد العلماء ، وقالوا : هذه نقيصة ، وعيب ، ولا تليق بالأنبياء ، وإنما معناه أنه معصوم من الذنوب ، أي لا يأتيها ، كأنه حصر عنها ، وقيل : مانعا نفسه من الشهوات ، وقيل : ليست له شهرة في النساء . فقد بان ذلك من هذا أن عدم القدرة على النكاح نقص ، وإنما الفضل في كونها موجودة ، ثم قمعها ، إما بمجاهدة ،
كعيسى - عليه السلام - ، أو بكفاية من الله - تعالى - ،
كيحيى - عليه السلام - فضلة زائدة لكونها شاغلة في كثير من الأوقات حاطة إلى الدنيا . ثم هي في حق من أقدر عليها ، وملكها ، وقام بالواجب فيها ، ولم تشغله عن ربه درجة علياء ، وهي درجة نبينا - صلى الله عليه وسلم - الذي لم تشغله كثرتهن عن عبادة ربه ، بل زاده ذلك عبادة لتحصينهن ، وقيامه بحقوقهن ، واكتسابه لهن ، وهدايته إياهن ، بل صرح أنها ليست من حظوظ دنياه هو ، وإن كانت من حظوظ دنيا غيره ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989172حبب إلي من دنياكم . فدل على أن حبه لما ذكر من النساء ، والطيب اللذين هما من أمور دنيا غيره ، واستعماله لذلك ليس لدنياه ، بل لآخرته ، للفوائد التي ذكرناها في التزويج ، وللقاء الملائكة في الطيب ، ولأنه أيضا مما يحض على الجماع ، ويعين عليه ، ويحرك أسبابه ، وكان حبه لهاتين الخصلتين لأجل غيره ، وقمع شهوته ، وكان حبه الحقيقي المختص بذاته في مشاهدته جبروت مولاه ، ومناجاته ، ولذلك ميز بين الحبين ، وفصل بين الحالين ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989101وجعلت قرة عيني في الصلاة فقد ساوى
يحيى ،
وعيسى في كفاية فتنتهن ، وزاد فضيلة بالقيام بهن ، وكان - صلى الله عليه وسلم - ممن أقدر على القوة في هذا وأعطي الكثير منه ، ولهذا أبيح له من عدد الحرائر ما لم يبح لغيره .
وقد روينا عن
أنس nindex.php?page=hadith&LINKID=989173أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يدور على نسائه في الساعة من الليل ، والنهار ، وهن إحدى عشرة .
[ ص: 170 ] قال
أنس : وكنا نتحدث
nindex.php?page=hadith&LINKID=989174أنه أعطي قوة ثلاثين رجلا . خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وروي نحوه عن
أبي رافع ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989175أعطي - عليه السلام - قوة أربعين رجلا في الجماع ، ومثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=16228صفوان بن سليم ، وقالت
سلمى مولاته :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989176طاف النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلة على نسائه التسع ، وتطهر من كل واحدة قبل أن يأتي الأخرى ، وقال : هذا أطيب ، وأطهر .
وقد قال
سليمان - عليه السلام - : [ لأطوفن الليلة على مائة امرأة أو تسع ، وتسعين ] ، وأنه فعل ذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان في ظهر
سليمان ماء مائة رجل أو تسع وتسعين ، وكانت له ثلاثمائة امرأة ، وثلاثمائة سرية . وحكى
النقاش ، وغيره سبعمائة امرأة ، وثلاثمائة سرية ، وقد كان
لداود - عليه السلام - على زهده ، وأكله من عمل يده تسع ، وتسعون امرأة ، وتمت بزوج أورياء مائة ، وقد نبه على ذلك في الكتاب العزيز بقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة [ ص : 23 ] .
وفي حديث
أنس عنه - عليه السلام - :
nindex.php?page=treesubj&link=30986_30970_30947فضلت على الناس بأربع : بالسخاء ، والشجاعة ، وكثرة الجماع ، وقوة البطش . وأما الجاه فمحمود عند العقلاء عادة .
[ ص: 171 ] وبقدر جاهه عظمه في القلوب ، وقد قال الله - تعالى - في صفة
عيسى - عليه السلام - :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45وجيها في الدنيا والآخرة [ آل عمران : 45 ] ، لكن آفاته كثيرة ، فهو مضر لبعض الناس لعقبى الآخرة ، فلذلك ذمه من ذمه ، ومدح ضده . وورد في الشرع مدح الخمول ، وذم العلو في الأرض ، وكان - صلى الله عليه وسلم - قد رزق من الحشمة ، والمكانة في القلوب ، والعظمة قبل النبوة عند الجاهلية ، وبعدها ، وهم يكذبونه ، ويؤذون أصحابه ، ويقصدون أذاه في نفسه خفية حتى إذا واجههم أعظموا أمره ، وقضوا حاجته ، وأخباره في ذلك معروفة سيأتي بعضها ، وقد كان يبهت ويفرق لرؤيته من لم يره ، كما
روي عن قيلة أنها لما رأته أرعدت من الفرق ، فقال : يا مسكينة ، عليك السكينة وفي حديث
أبي مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=989179أن رجلا قام بين يديه فأرعد ، فقال : هون عليك فإني لست بملك . . الحديث .
فأما عظم قدره بالنبوة ، وشريف منزلته بالرسالة ، وإنافة رتبته بالاصطفاء ، والكرامة في الدنيا فأمر هو مبلغ النهاية ، ثم هو في الآخرة سيد ولد آدم ، وعلى معنى هذا الفصل نظمنا هذا القسم بأسره .
الْفَصْلُ الثَّامِنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29399زَوَاجُهُ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَالضَّرْبُ الثَّانِي مَا يَتَّفِقُ الْمَدْحُ بِكَثْرَتِهِ ، وَالْفَخْرُ بِوُفُورِهِ ، كَالنِّكَاحِ ، وَالْجَاهِ .
أَمَّا النِّكَاحُ فَمُتَّفَقٌ فِيهِ شَرْعًا ، وَعَادَةً ، فَإِنَّهُ دَلِيلُ الْكَمَالِ ، وَصِحَّةِ الذُّكُورِيَّةِ ، وَلَمْ يَزَلِ التَّفَاخُرُ بِكَثْرَتِهِ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ ، وَالتَّمَادُحُ بِهِ سِيرَةٌ مَاضِيَةٌ ، وَأَمَّا فِي الشَّرْعِ فَسُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ ، وَقَدْ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً يُشِيرُ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989170تَنَاكَحُوا تَنَاسَلُوا فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . nindex.php?page=treesubj&link=26821وَنَهَى عَنِ التَّبَتُّلِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ قَمْعِ الشَّهْوَةِ ، وَغَضِّ الْبَصَرِ اللَّذَيْنِ نَبَّهَ عَلَيْهِمَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989171مَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ حَتَّى لَمْ يَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِمَّا يَقْدَحُ فِي الزُّهْدِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16065سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : قَدْ حُبِّبْنَ إِلَى سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ ، فَكَيْفَ يُزْهَدُ فِيهِنَّ ؟ وَنَحْوُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16008لِابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَقَدْ كَانَ زُهَّادُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَثِيرِي الزَّوْجَاتِ ، وَالسَّرَارِيِّ ، كَثِيرِي النِّكَاحِ ، وَحُكِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ
عَلِيٍّ ،
وَالْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وَابْنِ عُمَرَ ، وَغَيْرِهِمْ غَيْرُ شَيْءٍ ، وَقَدْ كَرِهَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ عَزَبًا .
[ ص: 169 ] فَإِنْ قِيلَ : كَيْفَ يَكُونُ النِّكَاحُ ، وَكَثْرَتُهُ مِنَ الْفَضَائِلِ ، وَهَذَا
يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ أَثْنَى اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ حَصُورًا ، فَكَيْفَ يُثْنِي اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَجْزِ عَمَّا تَعُدُّهُ فَضِيلَةً ؟ . وَهَذَا
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَبَتَّلَ مِنَ النِّسَاءِ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَرَّرْتَهُ لَنَكَحَ ؟ فَاعْلَمْ أَنَّ ثَنَاءَ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى
يَحْيَى بِأَنَّهُ حَصُورٌ لَيْسَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّهُ كَانَ هَيُوبًا ، أَوْ لَا ذَكَرَ لَهُ ، بَلْ قَدْ أَنْكَرَ هَذَا حُذَّاقُ الْمُفَسِّرِينَ ، وَنُقَّادُ الْعُلَمَاءِ ، وَقَالُوا : هَذِهِ نَقِيصَةٌ ، وَعَيْبٌ ، وَلَا تَلِيقُ بِالْأَنْبِيَاءِ ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنَّهُ مَعْصُومٌ مِنَ الذُّنُوبِ ، أَيْ لَا يَأْتِيهَا ، كَأَنَّهُ حُصِرَ عَنْهَا ، وَقِيلَ : مَانِعًا نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ ، وَقِيلَ : لَيْسَتْ لَهُ شُهْرَةٌ فِي النِّسَاءِ . فَقَدْ بَانَ ذَلِكَ مِنْ هَذَا أَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى النِّكَاحِ نَقْصُ ، وَإِنَّمَا الْفَضْلُ فِي كَوْنِهَا مَوْجُودَةٌ ، ثُمَّ قَمْعُهَا ، إِمَّا بِمُجَاهَدَةٍ ،
كَعِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ، أَوْ بِكِفَايَةٍ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - ،
كَيَحْيَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَضْلَةٌ زَائِدَةٌ لِكَوْنِهَا شَاغِلَةً فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ حَاطَّةٌ إِلَى الدُّنْيَا . ثُمَّ هِيَ فِي حَقِّ مَنْ أُقْدِرَ عَلَيْهَا ، وَمَلَكَهَا ، وَقَامَ بِالْوَاجِبِ فِيهَا ، وَلَمْ تَشْغَلْهُ عَنْ رَبِّهِ دَرَجَةً عَلْيَاءَ ، وَهِيَ دَرَجَةُ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي لَمْ تَشْغَلْهُ كَثْرَتُهُنَّ عَنْ عِبَادَةِ رَبِّهِ ، بَلْ زَادَهُ ذَلِكَ عِبَادَةً لِتَحْصِينِهِنَّ ، وَقِيَامِهِ بِحُقُوقِهِنَّ ، وَاكْتِسَابِهِ لَهُنَّ ، وَهِدَايَتِهِ إِيَّاهُنَّ ، بَلْ صَرَّحَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ حُظُوظِ دُنْيَاهُ هُوَ ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ حُظُوظِ دُنْيَا غَيْرِهِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989172حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمْ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُبَّهُ لِمَا ذَكَرَ مِنَ النِّسَاءِ ، وَالطِّيبِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِنْ أُمُورِ دُنْيَا غَيْرِهِ ، وَاسْتِعْمَالِهِ لِذَلِكَ لَيْسَ لِدُنْيَاهُ ، بَلْ لِآخِرَتِهِ ، لِلْفَوَائِدِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي التَّزْوِيجِ ، وَلِلِقَاءِ الْمَلَائِكَةِ فِي الطِّيبِ ، وَلِأَنَّهُ أَيْضًا مِمَّا يَحُضُّ عَلَى الْجِمَاعِ ، وَيُعِينُ عَلَيْهِ ، وَيُحَرِّكُ أَسْبَابَهُ ، وَكَانَ حُبُّهُ لِهَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ لِأَجْلِ غَيْرِهِ ، وَقِمْعِ شَهْوَتِهِ ، وَكَانَ حُبُّهُ الْحَقِيقِيُّ الْمُخْتَصُّ بِذَاتِهِ فِي مُشَاهَدَتِهِ جَبَرُوتَ مَوْلَاهُ ، وَمُنَاجَاتِهِ ، وَلِذَلِكَ مَيَّزَ بَيْنَ الْحُبَّيْنِ ، وَفَصَلَ بَيْنَ الْحَالَيْنِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989101وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ فَقَدْ سَاوَى
يَحْيَى ،
وَعِيسَى فِي كِفَايَةِ فِتْنَتِهِنَّ ، وَزَادَ فَضِيلَةً بِالْقِيَامِ بِهِنَّ ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّنْ أُقْدِرَ عَلَى الْقُوَّةِ فِي هَذَا وَأُعْطِيَ الْكَثِيرَ مِنْهُ ، وَلِهَذَا أُبِيحُ لَهُ مِنْ عَدَدِ الْحَرَائِرِ مَا لَمْ يُبَحْ لِغَيْرِهِ .
وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ
أَنَسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=989173أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَدُورُ عَلَى نِسَائِهِ فِي السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ ، وَالنَّهَارِ ، وَهُنَّ إِحْدَى عَشْرَةَ .
[ ص: 170 ] قَالَ
أَنَسٌ : وَكُنَّا نَتَحَدَّثُ
nindex.php?page=hadith&LINKID=989174أَنَّهُ أُعْطِيَ قُوَّةَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا . خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ
أَبِي رَافِعٍ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16248طَاوُسٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989175أُعْطِيَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قُوَّةَ أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِي الْجِمَاعِ ، وَمِثْلُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16228صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمٍ ، وَقَالَتْ
سَلْمَى مَوْلَاتُهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989176طَافَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً عَلَى نِسَائِهِ التِّسْعِ ، وَتَطَهَّرَ مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ الْأُخْرَى ، وَقَالَ : هَذَا أَطْيَبُ ، وَأَطْهَرُ .
وَقَدْ قَالَ
سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : [ لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى مِائَةِ امْرَأَةٍ أَوْ تِسْعٍ ، وَتِسْعِينَ ] ، وَأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ فِي ظَهْرِ
سُلَيْمَانَ مَاءُ مِائَةِ رَجُلٍ أَوْ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ ، وَكَانَتْ لَهُ ثَلَاثُمِائَةِ امْرَأَةٍ ، وَثَلَاثُمِائَةِ سَرِيَّةٍ . وَحَكَى
النَّقَّاشُ ، وَغَيْرُهُ سَبْعُمِائَةِ امْرَأَةٍ ، وَثَلَاثُمِائَةِ سَرِيَّةٍ ، وَقَدْ كَانَ
لِدَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى زُهْدِهِ ، وَأَكْلِهِ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ تِسْعٌ ، وَتِسْعُونَ امْرَأَةً ، وَتَمَّتْ بِزَوْجِ أُورِيَّاءَ مِائَةً ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=23إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً [ ص : 23 ] .
وَفِي حَدِيثِ
أَنَسٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=treesubj&link=30986_30970_30947فُضِّلْتُ عَلَى النَّاسِ بِأَرْبَعٍ : بِالسَّخَاءِ ، وَالشَّجَاعَةِ ، وَكَثْرَةِ الْجِمَاعِ ، وَقُوَّةِ الْبَطْشِ . وَأَمَّا الْجَاهُ فَمَحْمُودٌ عِنْدَ الْعُقَلَاءِ عَادَةً .
[ ص: 171 ] وَبِقَدْرِ جَاهِهِ عِظَمُهُ فِي الْقُلُوبِ ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى - فِي صِفَةِ
عِيسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=45وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ [ آلِ عِمْرَانَ : 45 ] ، لَكِنَّ آفَاتِهِ كَثِيرَةٌ ، فَهُوَ مُضِرٌّ لِبَعْضِ النَّاسِ لِعُقْبَى الْآخِرَةِ ، فَلِذَلِكَ ذَمَّهُ مَنْ ذَمَّهُ ، وَمَدَحَ ضِدَّهُ . وَوَرَدَ فِي الشَّرْعِ مَدْحُ الْخُمُولِ ، وَذَمُّ الْعُلُوِّ فِي الْأَرْضِ ، وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ رُزِقَ مِنَ الْحِشْمَةِ ، وَالْمَكَانَةِ فِي الْقُلُوبِ ، وَالْعَظْمَةِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ عِنْدَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَبَعْدَهَا ، وَهُمْ يُكَذِّبُونَهُ ، وَيُؤْذُونَ أَصْحَابَهُ ، وَيَقْصِدُونَ أَذَاهُ فِي نَفْسِهِ خِفْيَةً حَتَّى إِذَا وَاجَهَهُمْ أَعَظَمُوا أَمْرَهُ ، وَقَضَوْا حَاجَتَهُ ، وَأَخْبَارُهُ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفَةٌ سَيَأْتِي بَعْضُهَا ، وَقَدْ كَانَ يَبْهَتُ وَيَفْرَقُ لِرُؤْيَتِهِ مَنْ لَمْ يَرَهُ ، كَمَا
رُوِيَ عَنْ قَيْلَةَ أَنَّهَا لَمَّا رَأَتْهُ أَرْعَدَتْ مِنَ الْفَرَقِ ، فَقَالَ : يَا مِسْكِينَةُ ، عَلَيْكِ السَّكِينَةُ وَفِي حَدِيثِ
أَبِي مَسْعُودٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=989179أَنَّ رَجُلًا قَامَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَأَرْعَدَ ، فَقَالَ : هَوِّنْ عَلَيْكَ فَإِنِّي لَسْتُ بِمَلِكٍ . . الْحَدِيثَ .
فَأَمَّا عِظَمُ قَدْرِهِ بِالنُّبُوَّةِ ، وَشَرِيفُ مَنْزِلَتِهِ بِالرِّسَالَةِ ، وَإِنَافَةُ رُتْبَتِهِ بِالِاصْطِفَاءِ ، وَالْكَرَامَةِ فِي الدُّنْيَا فَأَمْرٌ هُوَ مَبْلَغُ النِّهَايَةِ ، ثُمَّ هُوَ فِي الْآخِرَةِ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ، وَعَلَى مَعْنَى هَذَا الْفَصْلِ نَظَمْنَا هَذَا الْقِسْمَ بِأَسْرِهِ .