الفصل الخامس عشر : الحياء ، والإغضاء
وأما الحياء ، والإغضاء : فالحياء رقة تعتري وجه الإنسان عند فعل ما يتوقع كراهيته ، أو ما يكون تركه خيرا من فعله . والإغضاء : التغافل عما يكره الإنسان بطبيعته .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أشد الناس حياء ، وأكثرهم عن العورات إغضاء ، قال الله سبحانه إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق [ الأحزاب : 53 ] الآية .
[ حدثنا أبو محمد بن عتاب ، بقراءتي عليه ، حدثنا أبو القاسم حاتم بن محمد حدثنا ، حدثنا أبو الحسن القابسي ، حدثنا أبو زيد المروزي محمد بن يوسف ، حدثنا ، حدثنا عبدان حدثنا محمد بن إسماعيل عبد الله أخبرنا شعبة ، عن قتادة سمعت عبد الله مولى أنس ، يحدث ] عن - رضي الله عنه - : أبي سعيد الخدري . وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها .
وكان - صلى الله عليه وسلم - لطيف البشرة ، رقيق الظاهر ، لا يشافه أحدا بما يكرهه حياء ، وكرم نفس .
وعن عائشة - رضي الله عنها - : . كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بلغه عن أحد ما يكرهه لم يقل : ما بال فلان يقول كذا ؟ ولكن يقول : ما بال أقوام يصنعون ، أو يقولون كذا ! ينهى عنه ، ولا يسمي فاعله
وروى أنس . أنه دخل عليه رجل به أثر صفرة ، فلم يقل له شيئا ، وكان لا يواجه أحدا بما [ ص: 184 ] يكره ، فلما خرج قال : لو قلتم له : يغسل هذا ويروى : ينزعها
قالت عائشة في الصحيح : ، لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - فاحشا ، ولا متفحشا ، ولا سخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة ، السيئة ، ولكن يعفو ، ويصفح . وقد حكي مثل هذا الكلام عن التوراة ، ومن رواية ابن سلام ، . وعبد الله بن عمرو بن العاص
وروي عنه أنه كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد .
وأنه كان يكني عما اضطره الكلام إليه مما يكره . وعن عائشة : . ما رأيت فرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قط