الفصل الثالث عشر : في نبع الماء من بين أصابعه ، وتكثيره ببركته
أما الأحاديث في هذا فكثيرة جدا . روى حديث - جماعة من الصحابة ، منهم نبع الماء من أصابعه - صلى الله عليه وسلم أنس ، وجابر ، : وابن مسعود
[ حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن جعفر الفقيه رحمه الله بقراءتي عليه ، حدثنا القاضي عيسى بن سهل ، حدثنا أبو القاسم حاتم بن محمد ، حدثنا أبو عمر بن الفخار ، حدثنا أبو عيسى ، حدثنا يحيى ، حدثنا مالك ، عن ] ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة - رضي الله عنه - : أنس بن مالك . رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وحانت صلاة العصر ، فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه ، فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوضوء ، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الإناء يده ، وأمر الناس أن يتوضئوا منه . قال : فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه ، فتوضأ حتى توضئوا من عند آخرهم
ورواه أيضا عن أنس قتادة ، وقال : بإناء فيه ماء يغمر أصابعه ، أو لا يكاد يغمر .
قال : كم كنتم ؟ قال : كنا زهاء ثلاثمائة .
وفي رواية عنه : وهم بالزوراء عند السوق .
ورواه أيضا حميد ، وثابت ، والحسن ، عن أنس .
وفي رواية حميد : قلت : كم كانوا ؟ قال : ثمانين .
ونحوه عن ثابت عنه . وعنه أيضا : وهم نحو من سبعين رجلا .
وأما ففي الصحيح من رواية ابن مسعود علقمة عنه : بينما نحن مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وليس معنا ماء ، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : اطلبوا من معه فضل ماء ، فأتي بماء فصبه في إناء ، ثم [ ص: 295 ] وضع كفه فيه ، فجعل الماء ينبع من بين أصابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وفي الصحيح عن ، عن سالم بن أبي الجعد جابر - رضي الله عنه - : عطش الناس يوم الحديبية ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة ، فتوضأ منها ، وأقبل الناس نحوه ، وقالوا : ليس عندنا ماء إلا ما في ركوتك ، فوضع النبي - صلى الله عليه وسلم - يده في الركوة ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون .
وفيه : فقلت : كم كنتم ؟ قالوا : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة .
وروي مثله عن أنس ، عن جابر ، وفيه أنه كان بالحديبية .
وفي رواية الوليد بن عبادة بن الصامت عنه في حديث مسلم الطويل في ذكر غزوة بواط قال : جابر ، ناد الوضوء . . . وذكر الحديث بطوله ، وأنه لم يجد إلا قطرة في عزلاء شجب ، فأتي به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فغمزه ، وتكلم بشيء لا أدري ما هو ، وقال : ناد بجفنة الركب ، فأتيت بها ، فوضعتها بين يديه ، وذكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسط يده في الجفنة ، وفرق أصابعه ، وصب جابر عليه ، وقال : بسم الله ، قال : فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ، ثم فارت الجفنة ، واستدارت حتى امتلأت ، وأمر الناس بالاستقاء ، فاستقوا حتى رووا .
فقلت : هل بقي أحد له حاجة ؟ فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده من الجفنة ، وهي ملأى . قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا
وعن : الشعبي أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره بإداوة ماء ، وقيل : ما معنا يا رسول الله ماء غيرها ، [ ص: 296 ] فسكبها في ركوة ، ووضع إصبعه وسطها ، وغمسها في الماء ، وجعل الناس يجيئون ، ويتوضئون ثم يقومون .
قال الترمذي ، وفي الباب ، عن . عمران بن حصين
ومثل هذا في هذه المواطن الحفلة ، والجموع الكثيرة لا تتطرق التهمة إلى المحدث به ، لأنهم كانوا أسرع شيء إلى تكذيبه ، لما جبلت عليه النفوس من ذلك ، ولأنهم كانوا ممن لا يسكت على باطل ، فهؤلاء قد رووا هذا وأشاعوه ، ونسبوا حضور الجماء الغفير له ، ولم ينكر أحد من الناس عليهم ما حدثوا به عنهم أنهم فعلوه ، وشاهدوه ، فصار كتصديق جميعهم له .