الفصل الثامن عشر : ومثل هذا في سائر الجمادات
[ حدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن عيسى التميمي ، حدثنا القاضي أبو عبد الله محمد بن المرابط ، حدثنا المهلب ، حدثنا أبو الحسن القابسي ، حدثنا المروزي ، حدثنا الفربري ، حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا إسرائيل ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ] ، عن ابن مسعود ، قال : لقد كنا نسمع تسبيح الطعام ، وهو يؤكل .
وفي غير هذه الرواية عن ابن مسعود : كنا نأكل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الطعام ، ونحن نسمع تسبيحه .
وقال أنس : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - كفا من حصى ، فسبحن في يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعنا التسبيح ، ثم صبهن في يد أبي بكر - رضي الله عنه - فسبحن ، ثم في أيدينا فما سبحن .
وروى مثله أبو ذر ، وذكر أنهن سبحن في كف عمر ، وعثمان رضي الله عنهما .
وقال علي : كنا بمكة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرج إلى بعض نواحيها ما استقبله شجرة ، ولا جبل إلا قال له : السلام عليك يا رسول الله .
وعن جابر بن سمرة عنه - صلى الله عليه وسلم - : إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي . قيل : إنه الحجر الأسود .
[ ص: 309 ] وعن عائشة - رضي الله عنها - : لما استقبلني جبريل - عليه السلام - بالرسالة جعلت لا أمر بحجر ، ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله .
وعن جابر بن عبد الله : لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - يمر بحجر ، ولا شجر إلا سجد له .
وفي حديث العباس ، إذا اشتمل عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعلى بنيه ، بملاءة ، ودعا لهم بالستر من النار كستره إياهم بملاءته ، فأمنت أسكفة الباب ، وحوائط البيت : آمين آمين .
وعن جعفر بن محمد ، عن أبيه : مرض النبي - صلى الله عليه وسلم - فأتاه جبريل بطبق فيه رمان ، وعنب فأكل منه النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فسبح .
وعن أنس : صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان أحدا ، فرجف بهم ، فقال : اثبت أحد ، فإنما عليك نبي ، وصديق ، وشهيدان .
ومثله عن أبي هريرة في حراء ، وزاد : معه علي ، وطلحة ، والزبير ، وقال : فإنما عليك نبي ، أو صديق ، أو شهيد .
والخبر في حراء أيضا عن عثمان قال : ومعه عشرة من أصحابه أنا فيهم .
وزاد عبد الرحمن ، وسعدا ، قال : ونسيت الاثنين .
وفي حديث سعيد بن زيد أيضا مثله ، وزاد عشرة ، وزاد نفسه .
وقد روي أنه حين طلبته قريش قال له ثبير : اهبط يا رسول الله ، فإني أخاف أن يقتلوك على ظهري فيعذبني الله .
فقال حراء : إلي يا رسول الله .
وروى ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ على المنبر : وما قدروا الله حق قدره [ الأنعام : 91 ] ، ثم قال : يمجد الجبار نفسه ، يقول : أنا الجبار ، أنا [ ص: 310 ] الجبار ، أنا الكبير المتعال ، فرجف المنبر حتى قلنا : ليخرن عنه .
وعن ابن عباس : كان حول البيت ستون وثلاثمائة صنم مثبتة الأرجل بالرصاص في الحجارة ، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد عام الفتح جعل يشير بقضيب في يده إليها ، ولا يمسها ، ويقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا [ الإسراء : 81 ] الآية . فما أشار إلى وجه صنم إلا وقع لقفاه ، ولا لقفاه إلا وقع لوجهه ، حتى ما بقي منها صنم .
ومثله في حديث ابن مسعود ، وقال : فجعل يطعنها ويقول : جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد .
ومن ذلك حديثه مع الراهب في ابتداء أمره ، إذ خرج تاجرا مع عمه ، وكان الراهب لا يخرج لأحد ، فخرج يتخللهم ، حتى أخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : هذا سيد العالمين ، يبعثه الله رحمة للعالمين .
فقال له أشياخ من قريش : ما علمك ، فقال : إنه لم يبق شجر ، ولا حجر إلا خر ساجدا له ، ولا تسجد إلا لنبي . . . وذكر القصة ، ثم قال : وأقبل - صلى الله عليه وسلم - ، وعليه غمامة تظلله ، فلما دنا من القوم ، وجدهم سبقوه إلى فيء الشجرة ، فلما جلس مال الفيء إليه .


