فصل المفسد الرابع من مفسدات القلب الطعام
: أحدهما ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات ، وهي نوعان : محرمات لحق الله ، كالميتة والدم ، ولحم الخنزير ، وذي الناب من السباع والمخلب من الطير ، ومحرمات لحق العباد ، كالمسروق والمغصوب والمنهوب ، وما أخذ بغير رضا صاحبه ، إما قهرا وإما حياء وتذمما . والمفسد له من ذلك نوعان
والثاني : ما يفسده بقدره وتعدي حده ، كالإسراف في الحلال ، والشبع المفرط ، فإنه يثقله عن الطاعات ، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها ، حتى يظفر بها ، فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها ، والتأذي بثقلها ، وقوى عليه مواد الشهوة ، وطرق مجاري الشيطان ووسعها ، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم ، فالصوم يضيق مجاريه ويسد عليه طرقه ، والشبع يطرقها ويوسعها ، ومن أكل كثيرا شرب كثيرا ، فنام كثيرا ، فخسر كثيرا ، وفي الحديث المشهور ويحكى أن إبليس لعنه الله عرض ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا بد فاعلا فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه ليحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام ، فقال له يحيى : هل نلت مني شيئا قط ؟ قال : لا ، إلا أنه قدم إليك الطعام ليلة فشهيته إليك حتى شبعت منه ، فنمت عن وردك ، فقال يحيى : لله علي أن لا أشبع من طعام أبدا ، فقال إبليس : وأنا ، لله علي أن لا أنصح آدميا أبدا .