فصل
المشهد الثامن : وهو أن يشهد تولد أذى الناس له من جهاده في سبيل الله . وأمرهم بالمعروف . ونهيهم عن المنكر . وإقامة دين الله ، وإعلاء كلماته . مشهد الجهاد
وصاحب هذا المقام : قد اشترى الله منه نفسه وماله وعرضه بأعظم الثمن . فإن أراد أن يسلم إليه الثمن فليسلم هو السلعة ليستحق ثمنها . فلا حق له على من آذاه . ولا شيء له قبله ، إن كان قد رضي بعقد هذا التبايع . فإنه قد وجب أجره على الله .
وهذا ثابت بالنص وإجماع الصحابة رضي الله عنهم . ولهذا منع النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين من سكنى مكة - أعزها الله - ولم يرد على أحد منهم داره ولا ماله الذي أخذه الكفار . ولم يضمنهم دية من قتلوه في سبيل الله .
ولما عزم رضي الله عنه على تضمين أهل الردة ما أتلفوه من نفوس المسلمين وأموالهم . قال له الصديق - بمشهد من الصحابة رضي الله عنهم - تلك دماء وأموال ذهبت في الله . وأجورها على الله ، ولا دية لشهيد فأصفق الصحابة على قول عمر بن الخطاب عمر . ووافقه عليه الصديق .
فمن قام لله حتى أوذي في الله : حرم الله عليه الانتقام . كما قال لقمان لابنه وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور .