فصل منزلة اللحظ
ومن ذلك :
nindex.php?page=treesubj&link=29411منزلة اللحظ
قال شيخ الإسلام :
( باب اللحظ ) قال الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني .
قلت : يريد - والله أعلم - بالاستشهاد بالآية : أن الله سبحانه أراد أن يري
موسى - صلى الله عليه وسلم - من كمال عظمته وجلاله ما يعلم به أن القوة البشرية في هذه الدار لا تثبت لرؤيته ومشاهدته عيانا . لصيرورة الجبل دكا عند تجلي ربه سبحانه أدنى تجل .
كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير في تفسيره من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة : أخبرنا
ثابت nindex.php?page=hadith&LINKID=980606عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال حماد : هكذا - ووضع الإبهام علىمفصل الخنصر الأيمن - فقال حميد لثابت : أتحدثبمثلي هذا ؟ فضرب ثابت صدر حميد ضربة بيده . وقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث به ، وأنا لا أحدث به ؟ رواه
الحاكم في
[ ص: 100 ] صحيحه وقال : هو على شرط
مسلم . وهو كما قال .
والمقصود : أن الشيخ استشهد بهذه الآية في باب اللحظ لأن الله سبحانه أمر
موسى أن ينظر إلى الجبل حين تجلى له ربه . فرأى أثر التجلي في الجبل دكا . فخر
موسى صعقا .
قال الشيخ : " اللحظ : لمحمسترق " الصواب قراءة هذه الكلمة على الصفة بالتخفيف . فوصف اللمح بأنهمسترق كما يقال : سارقته النظر . وهو لمح بخفية ، بحيث لا يشعر به الملموح .
ولهذاالاستراق أسباب . منها : تعظيم الملموح وإجلاله . فالناظريسارقه النظر . ولا يحد نظره إليه إجلالا له . كما كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يحدون النظر إليه إجلالا له . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص لم أكن أملأ عيني منه إجلالا له . ولو سئلت أن أصفه لكم لما قدرت . لأني لم أكن أملأ عيني منه .
ومنها : خوف اللامح سطوته . ومنها محبته . ومنها الحياء منه . ومنها ضعف القوة الباصرة عن التحديق فيه . وهذا السبب هو السبب الغالب في هذا الباب .
ويجوز أن تقرأ بكسر الراء وتشديد القاف . أي نظرا يسترق صاحبه . أي يأسر قلبه ويجعله رقيقا - أي عبدا مملوكا للمنظور إليه - لما شاهد من جماله وكماله ، فاسترق قلبه . فلم يكن بينه وبين رقه له إلا مجرد وقوع لحظه عليه .
فهكذا صاحب هذه الحال إذا لاحظ بقلبه جلال الربوبية . وكمال الرب سبحانه ، وكمال نعوته ، ومواقع لطفه وفضله وبره وإحسانه : استرق قلبه له وصارت له عبودية خاصة .
فَصْلٌ مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ
وَمِنْ ذَلِكَ :
nindex.php?page=treesubj&link=29411مَنْزِلَةُ اللَّحْظِ
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ :
( بَابُ اللَّحْظِ ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي .
قُلْتُ : يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - بِالِاسْتِشْهَادِ بِالْآيَةِ : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرَادَ أَنْ يُرِيَ
مُوسَى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ كَمَالِ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ مَا يَعْلَمُ بِهِ أَنَّ الْقُوَّةَ الْبَشَرِيَّةَ فِي هَذِهِ الدَّارِ لَا تَثْبُتُ لِرُؤْيَتِهِ وَمُشَاهَدَتِهِ عِيَانًا . لِصَيْرُورَةِ الْجَبَلِ دَكًّا عِنْدَ تَجَلِّي رَبِّهِ سُبْحَانَهُ أَدْنَى تَجَلٍّ .
كَمَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=15744حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ : أَخْبَرَنَا
ثَابِتٌ nindex.php?page=hadith&LINKID=980606عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا قَالَ حَمَّادٌ : هَكَذَا - وَوَضَعَ الْإِبْهَامَ عَلَىمَفْصِلِ الْخِنْصَرِ الْأَيْمَنِ - فَقَالَ حُمَيْدٌ لِثَابِتٍ : أَتُحَدِّثُبِمِثْلِي هَذَا ؟ فَضَرَبَ ثَابِتٌ صَدْرَ حُمَيْدٍ ضَرْبَةً بِيَدِهِ . وَقَالَ : رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ بِهِ ، وَأَنَا لَا أُحَدِّثُ بِهِ ؟ رَوَاهُ
الْحَاكِمُ فِي
[ ص: 100 ] صَحِيحِهِ وَقَالَ : هُوَ عَلَى شَرْطِ
مُسْلِمٍ . وَهُوَ كَمَا قَالَ .
وَالْمَقْصُودُ : أَنَّ الشَّيْخَ اسْتَشْهَدَ بِهَذِهِ الْآيَةِ فِي بَابِ اللَّحْظِ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ
مُوسَى أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْجَبَلِ حِينَ تَجَلَّى لَهُ رَبُّهُ . فَرَأَى أَثَرَ التَّجَلِّي فِي الْجَبَلِ دَكًّا . فَخَرَّ
مُوسَى صَعِقًا .
قَالَ الشَّيْخُ : " اللَّحْظُ : لَمْحٌمُسْتَرِقٌ " الصَّوَابُ قِرَاءَةُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى الصِّفَةِ بِالتَّخْفِيفِ . فَوَصَفَ اللَّمْحَ بِأَنَّهُمُسْتَرِقٌ كَمَا يُقَالُ : سَارَقْتُهُ النَّظَرَ . وَهُوَ لَمْحٌ بِخُفْيَةٍ ، بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِهِ الْمَلْمُوحُ .
وَلِهَذَاالِاسْتِرَاقِ أَسْبَابٌ . مِنْهَا : تَعْظِيمُ الْمَلْمُوحِ وَإِجْلَالُهُ . فَالنَّاظِرُيُسَارِقُهُ النَّظَرَ . وَلَا يُحِدُّ نَظَرَهُ إِلَيْهِ إِجْلَالًا لَهُ . كَمَا كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يُحِدُّونَ النَّظَرَ إِلَيْهِ إِجْلَالًا لَهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ . وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ لَكُمْ لَمَا قَدَرْتُ . لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ .
وَمِنْهَا : خَوْفُ اللَّامِحِ سَطْوَتَهُ . وَمِنْهَا مَحَبَّتُهُ . وَمِنْهَا الْحَيَاءُ مِنْهُ . وَمِنْهَا ضَعْفُ الْقُوَّةِ الْبَاصِرَةِ عَنِ التَّحْدِيقِ فِيهِ . وَهَذَا السَّبَبُ هُوَ السَّبَبُ الْغَالِبُ فِي هَذَا الْبَابِ .
وَيَجُوزُ أَنْ تُقْرَأَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ . أَيْ نَظَرًا يَسْتَرِقُّ صَاحِبَهُ . أَيْ يَأْسِرُ قَلْبَهُ وَيَجْعَلُهُ رَقِيقًا - أَيْ عَبْدًا مَمْلُوكًا لِلْمَنْظُورِ إِلَيْهِ - لِمَا شَاهَدَ مِنْ جَمَالِهِ وَكَمَالِهِ ، فَاسْتَرَقَّ قَلْبَهُ . فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رِقِّهِ لَهُ إِلَّا مُجَرَّدُ وُقُوعِ لَحْظِهِ عَلَيْهِ .
فَهَكَذَا صَاحِبُ هَذِهِ الْحَالِ إِذَا لَاحَظَ بِقَلْبِهِ جَلَالَ الرُّبُوبِيَّةِ . وَكَمَالَ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ ، وَكَمَالَ نُعُوتِهِ ، وَمَوَاقِعَ لُطْفِهِ وَفَضْلِهِ وَبِرِّهِ وَإِحْسَانِهِ : اسْتَرَقَّ قَلْبَهُ لَهُ وَصَارَتْ لَهُ عُبُودِيَّةٌ خَاصَّةٌ .